على أن يضمن كل واحد منهما ما يجب على الاخر بالجناية، فان عقدا الشركة على ذلك واكتسبا وضمنا أخذ كل واحد منهما ربح ماله وأجرة عمله، وضمن كل واحد منهما ما لزمه بغصبه وبيعه وضمانه، لان الشرط قد سقط، وبقى الربح والضمان على ما كانا قبل الشرط، ويرجع كل واحد منهما بأجرة عمله في نصيب شريكه، لأنه عمل في ماله ليسلم له ما شرط له، ولم يسلم فوجب أجرة عمله.
(الشرح) الأحكام: إن شركة المفاوضة باطلة عندنا، وهي أن يشترطا أن يكون ما يملكان من المال بينهما، وأن يضمن كل واحد منهما ما يجب على الاخر بغصب أو بيع أو ضمان.
قال الشافعي رضي الله عنه في اختلاف العراقيين: لا أعلم في الدنيا شيئا باطلا إن لم تكن شركة المفاوضة باطلة، ولا أعلم القمار إلا هذا وأقل منه.
وقال أبو حنيفة والثوري والأوزاعي رضي الله عنهم: شركة المفاوضة صحيحة إلا أن أبا حنيفة يقول: من شرط صحتها أن يخرج كل واحد منهما جميع ما يملكه من الذهب والفضة، حتى لو أن أحدهما استثنى مما يملكه درهما لم تصح الشركة، ويكون مال أحدهما مثل مال صاحبه، ويكونان حرين بالغين مسلمين.
ولا تصح بين مسلم وذمي، ولا بين ذميين، ولا بين حر وعبد، فإذا وجدت هذه الشركة تضمنت الوكالة والكفالة.
فأما الوكالة فهو أن يشارك كل واحد منهما صاحبه في الكسب وفيما يوهب له، وفى الكنز الذي يجده وفى جميع ما يكسبه إلا الاصطياد والاحتشاش فإنهما ينفردان. وأما الميراث فإنهما لا يشتركان فيه، فإذا ورث أحدهما نظر فيه، فإن كان عرضا لم يضمن الشركة، وإن كان ذهبا أو فضه فما لم يقبضه فالشركة بحالها وان قبضه بطلت الشركة، لأنه قد صار ماله أكثر من مال الاخر.
وأما الكفالة فإن كل ما يلزم أحدهما باقرار أو غصب أو ضمان أو عهدة فان صاحبه يشاركه فيه إلا أرش الجناية.
دليلنا أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الغرر وهذا غرر، والنهى يقتضى فساد المنهى عنه، ولأنها شركة تصح مع المفاضلة فلم تصح مع المساواة كالشركة