وإن كانا متفاضلين في المالين، لان المقصود في الشركة أن يشتركا في ربح ماليهما وذلك يمكن مع تفاضل المالين، كما يمكن مع تساويهما. وما قال الشافعي فأراد به المثل من جهة الجنس والسكة، لا من جهة المقدار، وأما اعتبار الربح بالعمل فغير صحيح، لان عمل الشريكين في مال الشركة لا تأثير له، لأنه تابع، وقد يعمل أحدهما في مال الشركة أكثر من عمل الاخر مع استوائهما في المال. وقد يعمل أحدهما في مال الشركة وحده من غير شرط في العقد، ويصح ذلك كله ولا يؤثر في الربح.
قال المصنف رحمه الله:
(فصل) ولا يجوز لاحد الشريكين أن يتصرف في نصيب شريكه إلا بإذنه فان أذن كل واحد منهما لصاحبه في التصرف تصرفا، وإن أذن أحدهما ولم يأذن الاخر تصرف المأذون في الجميع، ولا يتصرف الاخر الا في نصيبه، ولا يجوز لأحدهما أن يتجر في نصيب شريكه إلا في الصنف الذي يأذن فيه الشريك، ولا أن يبيع بدون ثمن المثل، ولا بثمن مؤجل، ولا بغير نقد البلد إلا أن يأذن له شريكه، لان كل واحد منهما وكيل للآخر في نصفه، فلا يملك الا ما يملك كالوكيل.
(الشرح) الأحكام: إذا عقدا الشركة على مال لهما نصفين، فان كل واحد منهما يملك التصرف في نصف المال مشاعا من غير إذن شريكه لأنه ملكه، وهل له أن يتصرف في النصف الآخر من غير اذن شريكه؟ فيه وجهان حكاهما المسعودي أحدهما يملك ذلك، وبه قال أبو حنيفة لان هذا مقتضى عقد الشركة، فلم يحتج إلى إذن الاخر، كما لو عقد القراض على مال له والثاني: وهو طريقة البغداديين من أصحابنا أنه لا يملك ذلك من غير إذن شريكه، لان المقصود بالشركة هو أن يشتركا في ربح ماليهما. وذلك لا يقتضى التوكيل من كل واحد منهما لصاحبه.
إذا ثبت هذا فان أذن كل واحد منهما لصاحبه في التصرف بنصيبه تصرف