(فرع) قال في البويطي: فان اشترك أربعة فأخرج أحدهم بغلا والآخر حجر الرحى، ومن الآخر البيت، ومن الرابع العمل على أن يكون ما حصل من الأجرة بينهم على ما شرطوه، فان هذه معاملة فاسدة، لأنها ليست شركة ولا قراضا ولا إجارة لما بيناه في الفصل قبله.
قال الشافعي رضى الله تعالى عنه: فإذا أصابوا شيئا جعل لكل واحد منهم أجرة مثله، وجعل كرأس ماله، وقسم ما حصل بينهم على قدره. قال أبو العباس ابن سريج: في هذا مسألتان.
(إحداهما) إذا جاء رجل فاستأجر من كل واحد ماله ليطحنوا له طعاما معلوما بأجرة معلومة بينهم، بأن يقول لصاحب البيت: استأجرت منك هذا البيت ومن هذا الحجر، ومن هذا البغل، ومن هذا نفسه ليطحنوا لي كذا وكذا من الحنطة بكذا وكذا درهم، فقالوا: قبلنا الإجارة، فهل يصح هذا العقد؟ فيه قولان كالقولين في أربعة أنفس لهم أربع دواب باعوها بثمن واحد، وكالقولين فيمن تزوج أربع نسوة بمهر واحد، أو خالعنه بعوض واحد، فإذا قلنا لا يصح استحق كل واحد منهم أجرة مثل ماله على صاحب الطعام. وإن قلنا يصح نظر، كم أجرة مثل كل واحد منهم. وقسم المسمى بينهم على قدر أجور مثلهم، ولو استأجر من كل واحد ملكه بأجرة معلومة على عمل معلوم أو مدة معلومة بعقد مفرد صح ذلك قولا واحدا واستحق كل واحد منهما ما يسمى له.
(المسألة الثانية) إذا استأجرهم في الذمة مثل أن يقول: استأجرتكم لتحصلوا لي طحن هذا الطعام بمائة صحت الإجارة قولا واحدا. ووجب على كل واحد منهم ربع العمل واستحق ربع المسمى من غير تقسيط فإذا طحنوا استحقوا المسمى أرباعا، وكان لكل واحد منهم أن يرجع على شركائه بثلاثة أرباع عمله.
فيرجع صاحب البغل على شركائه بثلاثة أرباع أجرة بغله. وكذلك صاحب البيت والرحى والعامل، لان كل واحد منهم يستحق عليه ربع العمل. وقد عمل الجميع فسقط الربع لأجل ما استحق عليه، ورجع على شركائه بما لم يستحق عليه.
فان قال: استأجرتكم لتطحنوا لي هذا الطعام بمائة فقالوا قبلنا. فذكر الشيخ