كالبيع، وهذا خطأ لان القراض مشروط برد رأس المال واقتسام الربح وعقده بالعروض يمنع من هذين الشرطين، أما رد رأس المال فلان من العروض مالا مثل لها فلم يمكن ردها.
وأما الربح فقد يفضى إلى اختصاص أحدهما به دون الآخر لأنه إن زاد خيره العامل بالربح فاختص به رب المال، وان نقص أخذ العامل شطر فاضله من غير عمل، وهذه أمور يمنع القراض منها فوجب أن يمنع مما أدى إليها ولان كل مال يوجب القراض منع من أن ينعقد عليه القراض كالمنافع.
فأما الجواب عن قياسهم على الدراهم والدنانير فهو أنها لا تمنع موجب القراض وأما قياسهم على البيع فالمعنى فيه أنه لا يلزم فيه رد مثل ولا قسمة ربح فجاز بكل مال، فإذا ثبت أن القراض لا يصح إلا بالدراهم والدنانير فلا يصح إلا بما كان منها مضروبا لا غش فيه، فإنه بالنقار والسبائك لا يجوز، وبه قال أبو حنيفة، وكذلك بالفضة المغشوشة، وذهب أبو حنيفة إلى جوازها إذا كانت الفضة أكثر اعتبارا بحكم الأغلب، وهذا خطأ لان غش الفضة بالنحاس لو تميز عنها لم يجز به القراض فإذا خالطها لم يجز به القراض، ولان ما لم تخلص فضته لم تجز مقارضته كالكثير الغش.
فإن قيل: فمن شرطها أن تكون معلومة القدر والصفة عند عقد القراض بها فإن تقارضا على مال لا يعلمان قدره كان القراض باطلا للجهل بما تعاقدا عليه، وإن علما قدره وجهلا صفته بطل القراض، لان الجهل بالصفة كالجهل بالقدر في بطلان العقد، فلو عقد القراض على ألف من أنواع شتى، فإن علما كل نوع منها صح العقد، وإن جهلاه بطل.
فلو دفع إليه ألف درهم وألف دينار على أن يقارض بأي الألفين شاء ويستودعه الأخرى لم يجز للجهل بالقراض هل عقد بألف درهم أو بألف دينار، كما لو أعطاه مبلغا من العملة الصعبة كالدولار والمارك والإسترليني ومبلغا من العملة الأخرى ولكل من النقدين قيمة رسمية وقيمة حرة، وقيمة محلية وأخرى في أسواقها الرسمية أو الدولية، ولم يحدد له أحد النوعين المراد به القراض كان العقد باطلا