يكون قد استهلكها بالغصب فقد صارت بالاستهلاك دينا، فيكون على ما ذكرنا والثاني أن تكون باقية فهذا على ضربين (أحدهما) أن يقارض عليهما بعد إبرائه من ضمانها فيجوز لأنها تصير بعد الابراء وديعة (والثاني) أن تقارضه عليها من غير تصريح بإبرائه منها، ففي القراض وجهان (أحدهما) باطل لأنها مضمونة عليه كالدين وبما حصل فيها من ربح وخسران فلرب المال وعليه.
(والثاني) وهو الصحيح أن القراض صحيح لأنه قراض على مال حاضر كما لو باعها عليه أو وهبها منه. وفى براءته بذلك من ضمانها ثلاثة أوجه:
1 - براءته من ضمانها لأنه قد صار مؤتمنا عليها 2 - لا يبرأ من ضمانها كما لا يبرأ الغاصب من ضمان ما ارتهن 3 - أنه ما لم يتصرف فيها بعقد القراض فضمانها باق عليه، وإن تصرف فيها بدفعها في ثمن ما ابتاعه بها برئ من ضمانها إن عاقد عليها بأعيانها، ولم يبرأ إن عاقد بها في ذمته لأنها في التعيين مدفوعة إلى مستحقها بإذن مالكها، فصار كردها عليه، وفيما تعلق بذمته يكون مبرئا لنفسه.
فأما إذا دفع إليه عرضا وأمره ببيعه والمضاربة بثمنه لم يجز لعلتين (ا) جهالة ثمنه والقراض بالمال المجهول باطل (ب) عقده بالصفة، والقراض بالصفات باطل فإن باعه العامل كان بيعه جائزا لصحة الاذن فيه، وإن اتجر به كان الربح والخسران لرب المال لحدوثها عن ملكه، وللعامل أجرة مثله في عمل القراض دون القرض، لأنه لم يجعل له في بيع القرض جعلا، وإنما جعل له في عمل القراض ربحا فصار متطوعا بالبيع معتاضا على القراض. ولو قال خذ من وكيلي ألف درهم فضارب بها لم يجز لعلة واحدة، وهو أنه قراض بصفة وما حصل من ربح وخسران فلرب المال وعليه.
فأما إذا دفع شبكة إلى صياد ليصيد بها ويكون الصيد بينهما لم يجز وكان الصيد للصياد وعليه أجرة الشبكة، وقد مضى تفصيل ذلك من التكملة الأولى ومناقشة كل من القائلين بأن الشبكة لمالكها وعليه أجر المثل للصياد. أو أن المصيد للصياد وعليه أجر الشبكة، والاتفاق على أن الصيد لا يقسم بين الصياد والمالك مرابحة