" أن النبي صلى الله عليه وسلم عامل يهود خيبر على أن نخرجهم متى شئنا " ورواه البخاري بمعناه، ورواه أحمد وابن ماجة عن ابن عباس بلفظ " أن النبي صلى الله عليه وسلم دفع خيبر أرضها ونخلها مقاسمة على النصف " ورواه البخاري عن أبي هريرة بلفظ " قالت الأنصار للنبي صلى الله عليه وسلم: أقسم بيننا وبين إخواننا - المهاجرين - النخل، قال: لا، فقالوا: تكفونا العمل ونشرككم في الثمرة، فقالوا سمعنا وأطعنا ".
أما الأحكام فقد قال الشافعي: ولا يشترط أحدهما درهما على صاحبه وما بقي سهما ويشترط أن يوليه سلعة، أو على أن يرتفق أحدهما بشئ دون صاحبه، وهذا صحيح، فقد ظهر ان عقد القراض موجب لاشتراك رب المال والعامل في الربح ولا يختص به أحدهما دون الاخر، لان المال والعمل متقابلان، فرأس المال في مقابلة عمل العامل، ولذلك وجب أن يشتركا في الربح، ولم يجز أن يختص به أحدهما مع تساويهما، وإذا منعنا من اختصاص أحدهما بالربح دون الاخر وجب أن يمنعا مما يؤدى إلى اختصاص أحدهما بالربح دون الاخر، فمن ذلك أن يشترط أحدهما لنفسه من الربح درهما معلوما والباقي لصاحبه أو بينهما، فلا يجوز، لأنه قد لا يحصل من الربح إلا الدرهم المشروط فينفرد به أحدهما وينصرف الاخر بغير شئ مع وجود العمل وحصول الربح، ومثاله في البيوع أن يبيعه الثمرة إلا مدا يستثنيه لنفسه فيبطل البيع لأنه قد يجوز أن تهلك الثمرة إلا ذلك المد، فيصير البائع آخذا للثمن والثمرة معا ولو شرطا تفاضلا في الربح مثل أن يشترط أحدهما عشر الربح وتسعة أعشاره للآخر جاز لأنه ليس ينصرف أحدهما بغير ربح، ومثاله في البيوع أن يبيع الثمرة إلا عشرها فيصح البيع لان ما بقي منها فهو مبيع وغير مبيع.
قال الماوردي: ومن ذلك أن يشترط أحدهما أن يولى ما يرتضيه أو ما يكتسبه برأس ماله فيبطل القراض لأنه قد لا يكون في المشترى ربح إلا فيما تولاه فيصير مختصا بجميع الربح ويخرج الآخر بغير ربح، ومن ذلك أن يشترط أحدهما ربحا دون صاحبه، مثل أن يشترط ركوب ما اشتراه من الدواب أو لبس ما اشتراه