وكان أبو العباس بن سريج وأبو علي بن أبي هريرة يجعلان هذا الجواب مصروفا إلى المسألة الأولى عند نسيان المشترى وجهل الشفيع دون المشترى، ويحكم له بالشفعة، وهذا هو الصحيح لان نسيان المشترى كالنكول فوجب رد اليمين على الشفيع.
قال الشافعي: وسواء في ذلك قديم الشراء وحديثه، وهذا إنما أراد به ما ادعى، فإنه قال: إن ادعى المشترى نسيان الثمن والشراء حديثا حلف الشفيع وحكم له بالشفعة، وإن كان الشراء قديما حلف المشترى وبطلت الشفعة ورفض الماوردي هذا الفرق وقال: هذا قول مرذول وفرق معلول.
فأما إن اختلف البائع والمشترى في الثمن فقال البائع: بعته بألف، وقال المشترى: اشتريته بخمسمائة فإنهما يتحالفان، فإذا حلفا ففي بطلان البيع بتحالفهما وجهان ذكرا في البيوع.
أحدهما: أنه قد بطل فعلى هذا يعود الشقص إلى البائع ولا شفعة فيه.
والثاني: أن البيع لا يبطل إلا بالفسخ، فعلى هذا لا يخلو حال المثمن من أحد أمرين إما أن يكون معينا أو غير معين، فإن كان المثمن معينا كقول البائع بعتك شقصي بهذه السيارة فيقول المشترى: اشتريته بهذا (الريكوردر) المسجل فإذا تحالفا وامتنع المشترى أن يأخذه بالسيارة التي ادعاها البائع ثمنا لم يعرض على الشفيع لان عين هذه السيارة لا تحصل للبائع من جهة الشفيع، وفسخ الحاكم البيع بينهما وأبطل الشفعة فيه، وإن كان الثمن غير معين كقول البائع بعتك الشقص بألف فيقول المشترى بخمسمائة، عرض الشقص على المشترى والشفيع بالألف ليأخذاه أو يرداه لأنه قد يحصل للبائع ما ادعاه من القدر من الشفيع والمشترى، فلذلك عرض عليها، وإذا كان كذلك فللشفيع والمشترى أربعة أحوال.
ا - أن يرضيا جميعا به فيلزم المشترى الألف وللشفيع أن يأخذ منه الشقص بالألف.
ب - أن يرداه جميعا بالألف فيفسخ البيع وتبطل الشفعة.