(فصل) وإن كان للشقص شفعاء نظرت فإن حضروا وطلبوا أخذوا، فإن كانت حصة بعضهم أكثر ففيه قولان (أحدهما) أنه يقسم الشقص بينهم على عدد الرؤوس، وهو قول المزني، لان كل واحد منهم لو انفرد أخذ الجميع، فإذا اجتمعوا تساووا كما لو تساووا في الملك (والثاني) أنه يقسم بينهم على قدر الأنصباء لأنه حق يستحق بسبب الملك فيقسط عند الاشتراك على قدر الاملاك كأجرة الدكان وثمرة البستان، وإن عفا بعضهم عن حقه أخذ الباقون جميعه. لان في أخذ البعض إضرارا بالمشترى، فإن جعل بعضهم حصته لبعض الشركاء لم يصح بل يكون لجميعهم، لان ذلك عفو وليس بهبة. وإن حضر بعضهم أخذ جميعه، فإن حضر آخر قاسمه، وإن حضر الثالث قاسمهما، لأنا بينا أنه لا يجوز التبعيض، فإن أخذ الحاضر الشقص وزاد في يده، بأن كان نخلا فأثمرت، ثم قدم الغائب قاسمه على الشقص دون الثمار، لان الثمار حديث في ملك الحاضر فاختص بها.
وإن قال الحاضر: أنا آخذ بقدر مالي لم يجز، وهل تسقط شفعته فيه وجهان أحدهما: وهو قول أبي علي بن أبي هريرة أنها تسقط لأنه قدر على أخذ الجميع وقد تركه. والثاني: وهو قول أبي إسحاق أنها لا تسقط لأنه تركه بعذر، وهو أنه يخشى أن يقدم الغائب فينتزعه منه. والترك للعذر لا يسقط الشفعة، كما قلنا فيمن أظهر له المشترى ثمنا كثيرا فترك ثم بان بخلافه (فصل) وإن كان المشترى شريكا بأن كان بين ثلاثة دار فباع أحدهم نصيبه من أحد شريكيه لم يكن للشريك الثاني أن يأخذ الجميع لان المشترى أحد الشريكين فلم يجز للآخر أن يأخذ الجميع - كما لو كان المشترى أجنبيا - وقال أبو العباس للشريك أن يأخذ الجميع، لأنا لو قلنا إنه يأخذ النصف لتركنا النصف على المشترى بالشفعة، والانسان لا يأخذ بالشفعة من نفسه، والمذهب الأول، لان المشترى لا يأخذ النصف من نفسه بالشفعة، وإنما يمنع الشريك أن يأخذ الجميع، ويبقى الباقي على ملكه (فصل) وان ورث رجلان من أبيهما دارا ثم مات أحدهما وخلف ابنين ثم باع أحد هذين الابنين حصته ففي الشفعة قولان. أحدهما أن الشفعة بين الأخ والعلم وهو الصحيح لأنهما شريكان للمشترى فاشتركا في الشفعة كما لو ملكاه بسبب واحد