والنوع الثاني: ما تجب فيه الشفعة تبعا وهو البناء والغرس إن كان مبيعا مع الأرض وجبت فيه الشفعة تبعا للأرض إن كان فيها ما يحتمل قسمته الاجبار، وإن لم يحملها لم تجب فيه الشفعة عند الشافعي، ووجبت فيه عند أبي العباس بن سريج، وهو قول أبي حنيفة، وإن كان البناء والغرس منفصلا عن الأرض في البيع فلا شفعة فيه عند الشافعي وأبي حنيفة.
وقال مالك: يجب الشفعة في البناء المنفرد وفى الثمار والمقائي والمباطخ لاتصاله بعراص الأرض المستحق فيها الشفعة وهذا خطأ لقوله صلى الله عليه وسلم " الشفعة فيما لم يقسم " رواه البخاري. فإذا أوقعت الحدود فلا شفعة فجعل حدود القسم شرطا في إبطال الشفعة، فدل على استحقاقها فيما يجبر فيه على القسمة، ولان البناء والغرس تبع لأصله، فلما لم يستحق في الأرض شفعة لخروجها عن العقد لم يجب في البناء والغرس شفعة، وان دخلت في العقد، فإذا تقرر ألا شفعة فيما أفرد بالبيع من البناء والغرس، وكانت دار ذات علو مشترك، وسفلها لغير الشركاء في علوها فباع أحد الشركاء في العلو حقه نظر في السقف، فإن كان لأرباب السفل فلا شفعة في الحصة المبيعة من العلو لأنها بناء مفرد، وإن كان السقف لأرباب العلو ففي وجوب الشفعة في الحصة المبيعة منه وجهان.
(أحدهما) لا شفعة فيه لأنه لا يتبع أرضا (والوجه الثاني) فيه الشفعة، لان السقف كالعرصة. ولقول الشافعي في كتاب الصلح ان السقف أرض لصاحب العلو، ولأنه إذا حاز أحدهما حصة من البناء والسقف أمكنه سكناه كالأرض.
والنوع الثالث: لا تجب فيه الشفعة لا مقصودا ولا تبعا وهو سائر الأشياء سوى ما ذكرنا، وقال عطاء بن أبي رباح: الشفعة واجبة في كل مشترك من متاع وحيوان وغيره في صنوف الأموال وسائر الكلام معه.
وأما القسم الثالث وهو من تجب له الشفعة فهو الخليط في الملك المبيع دون الجار، وقد مضى الكلام مع أبي حنيفة في شفعة الجوار، وإذا كان كذلك فلا فرق بين أن يكون الخليط وافر السهم وبين أن يكون قليله حتى لو خالط بنسبة واحد من ألف استحق الشفعة، وإذا تعدد الخلطاء كانت بينهم على ما سيأتي.