عليه، وإن كان تلفه على وجه لا يوجب الضمان في هذه الأحوال، ففي براءة الغاصب منه وجهان.
أحدهما: يبرأ منه لعودته إلى يد مالكه.
والوجه الثاني: لا يبرأ منه لان خروجه من يده اما نيابة عنه أو أمانة منه، فلم تزل يده فكان على ضمانه. فلو أن الغاصب خلطه بمال المالك فتلف والمالك لا يعلم به، فإن لم يكن المال في يد المالك فالضمان باق على الغاصب، وإن كان في يده فان تلف باستهلاك المالك برئ منه الغاصب، وان تلف بعد استهلاكه كان في براءته منه وجهان.
وأما حبس الحر سواء عاش أو مات فسوف يأتي حكمه إن شاء الله تعالى في الجنايات والحدود.
وأما كلب المنفعة ككلب الصيد أو الحراسة، فإنه يجرى فيه ما يجرى في البهائم المستأجرة لظهرها أو لعملها في الحقول والفارق أنها غير مأكولة كبعض الدواب التي لا تؤكل.
(فرع) قال الشافعي: فان أراق له - أي للذمي - خمرا أو قتل له خنزيرا فلا شئ عليه ولا قيمة لمحرم لأنه لا يجرى على ملك. أما التملك بالخمر والخنزير فمعصية، والقول فيها كالقول في الصليب ولا شئ على متلفها مسلما كان أو ذميا على مسلم أتلفه أو على ذمي، ويعذران باتلافه على منازلهم أو بيعهم.
وقال أبو حنيفة: ان أتلفها على مسلم لم يضمن المتلف مسلما كان أو ذميا، وان أتلفها على ذمي ضمنها المتلف مسلما كان أو ذميا، فإن كان مسلما ضمن قيمة الخمر والخنزير، وإن كان ذميا ضمن مثل الخمر وقيمة الخنزير استدلالا من وجوب ضمانها للذمي بما روى أن عمر رضي الله عنه كتب إلى أبى موسى الأشعري والى سمرة بن جندب في خمور أهل الذمة أن لهم بيعها، وخذ العشر من أثمانها.
فكان الدليل من وجهين. أحدهما: أن جعل لها أثمانا والعقد عليها صحيحا، والثاني: أخذ العشر منها، ولو حرمت أثمانها لحرم عشرها، قال: ولأنه معمول في عرفهم فوجب أن يكون مضمونا باتلافه عليهم قياسا على غيره من أموالهم،