لهم حجة غيره. قلت: فبئس ما قضيت على من قمت بحجته إذا كان احتج بغير حجة عندك، قال فعندك في السائبة شئ مخالف لهذا؟ قلت: إن قبلت الخبر المنقطع فنعم (قال الشافعي) أخبرنا سعيد ومسلم عن ابن جريج عن عطاء أن طارق بن المرقع أعتق أهل أبيات من أهل اليمن سوائب فانقلعوا عن بضعة عشر ألفا فذكر ذلك لعمر بن الخطاب فأمر أن تدفع إلى طارق أو إلى ورثة طارق (قال الشافعي) فهذا إن كان ثابتا يدلك على أن عمر يثبت ولاء السائبة لمن سيبه، وهذا معروف عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه في تركة سالم الذي يقال له سالم مولى أبى حذيفة أن أبا بكر أعطى فضل ميراثه عمرة بنت يعار الأنصارية وكانت أعتقته سائبة. وروى عن ابن مسعود أنه قال في السائبة شبيها بمعنى ذلك فيما أظن حديث منقطع. قال: فهل عندك حجة تفرق بين السائبة وبين الذي يسلم على يدي الرجل غير الحديث المنقطع قلت نعم من القياس. قال ما هو؟ قلت: إن الذي يسلم على يدي الرجل وينتقل بولائه إلى موضع إنما ذلك برضا المنتسب والمنسوب إليه وله أن ينتقل بغير رضا من أنتسب إليه وإن السائبة يقع العتق عليه بلا رضا منه وليس له أن ينتقل منه ولو رضى بذلك هو ومعتقه، وإنه ممن يقع عليه عتق المعتق مع دخوله في جملة المعتقين. كان أهل الجاهلية يبحرون البحيرة ويسيبون السائبة ويوصلون الوصيلة ويعفون الحام وهذه من الإبل والغنم. فكانوا يقولون في الحام إذا ضرب في إبل الرجل عشر سنين وقيل نتج له عشرة حام أي حمى ظهره فلا يحل أن يركب.
ويقولون في الوصيلة وهي من الغنم إذا وصلت بطونا توما ونتج نتاجها فكانوا يمنعونها مما يفعلون بغيرها مثلها، ويسيبون السائبة. فيقولون قد أعتقناك سائبة ولا ولاء لنا عليك ولا ميراث يرجع منك ليكون أكمل لتبررنا فيك. فأنزل الله عز وجل " ما جعل الله من بحيرة ولا سائبة ولا وصيلة ولا وحام " الآية فرد الله ثم رسوله صلى الله عليه وسلم الغنم إلى مالكها إذا كان العتق من لا يقع على غير الآدميين وكذلك لو أنه أعتق بعيره لم يمنع بالعتق منه إذا حكم الله عز وجل أن يرد إليه ذلك ويبطل الشرط فيه، فكذلك أبطل الشروط في السائبة ورده إلى ولاء من أعتقه مع الجملة التي وصفنا لك (قال الشافعي) أخبرنا إبراهيم بن محمد أن عبد الله بن أبي بكر وعبد العزيز أخبراه أن عمر بن عبد العزيز كتب في خلافته في سائبة مات أن يدفع ميراثه إلى الذي أعتقه (قال الشافعي) وإن كانت الكفاية فيما ذكرنا من الكتاب والسنة والقياس. فقال فما تقول في النصراني يعتق العبد المسلم؟ قلت فهو حر. قال فلمن ولاؤه؟ قلت للذي أعتقه. قال فما الحجة فيه؟ قلت ما وصفت لك إذ كان الله عز وجل نسب كافرا إلى مسلم ومسلما إلى كافر والنسب أعظم من الولاء، قال فالنصراني لا يرث المسلم، قلت وكذلك الأب لا يرث ابنه إذا اختلف أديانهما وليس منعه ميراثه بالذي قطع نسبه منه هو ابنه بحاله إذ كان ثم متقدم الأبوة، وكذلك العبد مولاه بحاله إذ كان ثم متقدم العتق. قال وإن أسلم لمعتق؟ قلت يرثه. قال فإن لم يسلم؟ قلت فإن كان للمعتق ذوو رحم مسلمون فيرثونه. قال وما الحجة في هذا؟ ولم إذ دفعت الذي أعتقه عن ميراثه تورث به غيره إذ لم يرث هو فغيره أولى أن لا يرث بقرابته منه؟ قلت هذا من شبهك، قال فأوجدني الحجة فيما قلت؟ قلت أرأيت الابن إذا كان مسلما فمات وأبوه كافر؟ قال لا يرثه قلت فإن كان له إخوة أو أعمام أو بنو عم مسلمون؟ قال يرثونه، قلت وبسبب من ورثوه؟ قال بقرابتهم من الأب، قلت فقد منعت الأب من الميراث وأعطيتهم بسببه، قال إنما منعته بالدين فجعلته إذا خالف دينه كأنه ميت وورثته أقرب الناس به ممن هو على دينه قلت فما منعنا من هذه الحجة في النصراني؟ قال هي لك ونحن نقول بها معك ولكنا احتججنا لمن خالفك من