محتملين أن يكون لكل واحد منهما وجه؟ قلت: منعني أنه ليس بثابت، إنما يرويه عبد العزيز بن عمر عن ابن موهب عن تميم الداري، وابن موهب ليس بالمعروف عندنا ولا نعلمه لقى تميما، ومثل هذا لا يثبت عندنا ولا عندك من قبل أنه مجهول ولا نعلمه متصلا، قال: فإن من حجتنا أن عمر قال: في المنبوذ هو حر ولك ولاؤه، يعنى للذي التقطه، قلت: وهذا لو ثبت عن عمر حجة عليك لأنك تخالفه، قال: ومن أين؟ قلت: أنت تزعم أنه لا يوالي عن الرجل إلا نفسه بعد أن يعقل، وأن له إذا والى عن نفسه أن ينتقل بولائه ما لم يعقل عنه، فإن زعمت أن موالاة عمر عنه لأنه وليه جائزة عليه، فهل لوصي اليتيم أن يوالي عنه؟ قال: ليس ذلك له، قلت: فإن زعمت أن ذلك للوالي دون الوصي، فهل وجدته يجوز للوالي شئ في اليتيم لا يجوز للوصي (1)؟ فإن زعمت أن ذلك حكم من عمر والحكم لا يجوز عندك على أحد إلا بشئ يلزمه نفسه أو فيما لا بد له منه مما لا يصلحه غيره، ولليتيم بد من الولاء، فإن قلت هو حكم فلا يكون له أن ينتقل به فكيف يجوز أن يكون له أن ينتقل إذا عقد على نفسه عقدا ما لم يعقل عنه، ولا يكون له أن ينتقل إن عقده عليه غيره؟ (قال) فإن قلت هو أعلم بمعنى حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، قلت ونعارضك بما هو أثبت عن ميمونة وابن عباس من هذا عن عمر بن الخطاب، قال وما هو؟ قلت وهبت ميمونة ولاء بني يسار لابن أختها عبد الله بن عباس فاتهبه، فهذه زوج النبي صلى الله عليه وسلم وابن عباس وهما اثنان، قال فلا يكون في أحد ولو كانوا عددا كثيرا مع النبي صلى الله عليه وسلم حجة، قلنا فكيف احتججت بأحد على النبي صلى الله عليه وسلم؟ قال هكذا يقول بعض أصحابنا، قلت أبيت أن تقبل هذا من غيرك، فقال من حضرنا من المدنيين هذه حجة ثابتة، قال فأنتم إن كنتم ترونها ثابتة فقد تخالفونها في شئ قالوا ما نخالفها في شئ، وما نزعم أن الولاء يكون إلا لذي نعمة (قال الشافعي) فقال لي قائل اعتقد عنهم جوابهم، فأزعم أن للسائبة أن يوالي من شاء، قلت لا يجوز هذا إذا كان من احتججنا به من الكتاب والسنة والقياس، إلا أن يأتي فيه خبر عن النبي صلى الله عليه وسلم أو أمر أجمع الناس عليه فنخرجه من جملة المعتقين اتباعا، قال فهم يروون أن حاطبا أعتق سائبة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، قلنا ونحن: لا نمنع أحدا أن يعتق سائبة، فهل رويت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ولاء السائبة إليه يوالي من شاء؟ قال لا: قلت فداخل هو في معنى المعتقين؟ قال نعم: قلت أفيجوز أن يخرج وهو معتق من أن يثبت له وعليه الولاء، قال فإنهم يروون أن رجلا قتل سائبة فقضى عمر بعقله على القاتل فقال أبو القاتل أرأيت لو قتل ابني؟ قال إذا لا يغرم، قال فهو إذا مثل الأرقم، قال عمر فهو مثل الأرقم، فاستدلوا بأنه لو كانت له عاقلة بالولاء قضى عمر بن الخطاب على عاقلته؟ قلت فأنت إن كان هذا ثابتا عن عمر محجوج به، قال وأين؟ قلت تزعم أن ولاء السائبة لمن أعتقه، قال فأعفني من ذا فإنما أقوم لهم بقولهم. قلت: فأنت تزعم أن من لا ولاء له من لقيط ومسلم وغيره إذا قتل إنسانا قضى بعقله على جماعة المسلمين لأن لهم ميراثه، وأنت تزعم أن عمر لم يقض بعقله على أحد. قال: وهكذا يقول جميع المفتين. قلت: أفيجوز لجميع المفتين أن يخالفوا عمر؟ قال لا هو عن عمر منقطع ليس بثابت. قلت: فكيف احتججت به؟ قال لا أعلم
(٨٢)