هذا لأن الحد إنما هو بالفعل لا بالحضور ولا التقوية. وسواء كان هذا الفعل في قرية أو صحراء ولو أعطاهم السلطان أمانا على ما أصابوا (2) كان ما أعطاهم عليه الأمان من حقوق الناس باطلا ولزمه أن يأخذ لهم حقوقهم إلا أن يدعوها ولو فعلوا غير مرتدين عن الاسلام. ثم ارتدوا عن الاسلام بعد فعلهم ثم تابوا أقيمت عليهم تلك الحدود لأنهم فعلوها وهم ممن تلزمهم تلك الحدود ولو كانوا ارتدوا عن الاسلام قبل فعل هذا ثم فعلوه مرتدين ثم تابوا لم نقم عليهم شيئا من هذا لأنهم فعلوه وهم مشركون ممتنعون قد ارتد طليحة فقتل ثابت ابن أفرم وعكاشة بن محصن بيده ثم أسلم فلم يقد منه ولم يعقل لأنه فعل ذلك في حال الشرك ولا تباعة عليه في الحكم إلا أن يوجد مال رجل بعينه في يديه فيؤخذ منه، ولو كانوا ارتدوا ثم فعلوا هذا ثم تابوا ثم فعلوا مثله أقيمت عليهم الحدود في الفعل الذي فعلوه وهم مسلمون ولم تقم عليهم في الفعل الذي فعلوه وهم مشركون (قال) وللشافعي قول آخر في موضع آخر إذا ارتد عن الاسلام ثم قتل مسلما ممتنعا وغير ممتنع قتل به وإن رجع إلى الاسلام لأن المعصية بالردة إن لم تزده شرا لم تزده خيرا فعليه القود (قال الربيع) قياس قول الشافعي أنه إذا سرق العبد من المغنم فبلغت سرقته تمام سهم حر وأكثر فكان ربع دينار وأكثر أنه يقطع لأنه يزعم أنه لا يبلغ بالرضخ للعبد سهم رجل فإذا بلغ سهم رجل والذي بلغه بعد سهم رجل ربع دينار أو أكثر من السهم بربع قطع (قال الشافعي) رحمه الله تعالى وإذا ارتد العبد عن الاسلام ولحق بدار الحرب ثم أمنه الإمام على أن لا يرده إلى سيده فأمانه باطل وعليه أن يدفعه إلى سيده فلو حال بينه وبين سيده بعد وصوله إليه فمات في يديه ضمن لسيده قيمته وكان كالغاصب وإن لم يمت كان لسيده عليه أجرته في المدة التي حبسه عنه فيها، وإذا ضرب الرجل بالسيف ضربة يكون في مثلها قصاص اقتص منه وإن لم يكن فيها قصاص فعليه الأرش، ولا تقطع يدا أحد إلا السارق وقد ضرب صفوان بن المعطل حسان بن ثابت بالسيف ضربا شديدا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يقطع صفوان وعفا حسان بعد أن برأ فلم يعاقب رسول الله صلى الله عليه وسلم صفوان وهذا يدل أن لا عقوبة على من كان عليه قصاص فعفى عنه في دم ولا جرح، وإلى الوالي قتل من قتل على المحاربة لا ينتظر به ولى المتقول، وقد قال بعض أصحابنا ذلك، قال ومثله الرجل يقتل الرجل من غير نائرة واحتج لهم بعض من يذهب مذاهبهم بأمر المحدر بن زياد ولو كان حديثه مما نثبته قلنا به فإن ثبت فهو كما قالوا ولا أعرفه إلى يومى هذا ثابتا وإن لم يثبت فكل مقتول قتله غير المحارب فالقتل فيه إلى ولى المقتول من قبل أن الله جل وعلا يقول (ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا). وقال عز وجل (فمن عفى له من أخيه شئ فاتباع بالمعروف) فبين في حكم الله عز وجل أنه جعل العفو أو القتل إلى ولى الدم دون السلطان إلا في المحارب فإنه قد حكم في المحاربين أن يقتلوا أو يصلبوا فجعل ذلك حكما مطلقا لم يذكر فيه أولياء الدم. وإذا كان ممن قطع الطريق من أخذ المال ولم يقتل وكان أقطع اليد اليمنى والرجل اليسرى قطعت يده اليسرى ورجله اليمنى والحكم الأول في يده اليمنى ورجله اليسرى ما بقي منهما شئ لا يتحول إلى غيرهما فإذا لم يبق منهما شئ يكون فيه حكم تحول الحكم إلى الطرفين الآخرين فكان فيهما ولا نقطع قطاع الطريق إلا فيما تقطع فيه السراق وذلك ربع دينار يأخذه كل واحد منهم فصاعدا أو قيمته وقطع الطريق بالعصا والرمي بالحجارة مثله بالسلاح من الحديد وإذا عرض اللصوص لقوم فلا حد إلا في
(٣١١)