ذلك إلى مدة جعلوها بينهم فعدا أهل البغى على رهن أهل العدل فقتلوهم لم يكن لأهل العدل أن يقتلوا رهن أهل البغى الذين عندهم ولا أن يحبسوهم إذا أثبتوا أن قد قتل أصحابهم لأن أصحابهم لا يدفعون إليهم أبدا ولا يقتل الرهن بجناية غيرهم وإن كان رهن أهل البغى بلا رهن من أهل العدل ووادعوهم إلى مدة فجاءت تلك المدة وقدر غدر أهل البغى لم يكن لهم حبس الرهن بغدر غيرهم. قال:
ولو أن أهل العدل أمنوا رجلا من أهل البغى فقتله رجل جاهل كان فيه الدية. وإذا قتل العدلي الباغي عامدا والقاتل وارث المقتول أو قتل الباغي العدلي وهو وارثه لم أر أن يتوارثا والله تعالى أعلم ويرثهما معا ورثتهما غير القاتلين، وإذا قتل أهل البغى في معركة وغيرها صلى عليهم لأن الصلاة سنة في المسلمين إلا من قتله المشركون في المعركة فإنه لا يغسل ولا يصلى عليه. وأما أهل البغى إذا قتلوا في المعركة فإنهم يغسلون ويصلى عليهم ويصنع بهم ما يصنع بالموتى ولا يبعث برؤوسهم إلى موضع ولا يصلبون ولا يمنعون الدفن، وإذا قتل أهل العدل أهل البغى في المعركة ففيهم قولان: أحدهما أن يدفنوا بكلومهم ودمائهم والثياب التي قتلوا فيها إن شاءوا لأنهم شهداء ولا يصلى عليهم ويصنع بهم كما يصنع بمن قتله المشركون لأنهم مقتولون في المعركة وشهدا. والقول الثاني: أن يصلى عليهم لأن أصل الحكم في المسلمين الصلاة على الموتى إلا حيث تركها رسول الله صلى الله عليه وسلم وإنما تركها فيمن قتله المشركون في المعركة (قال الشافعي) رحمه الله تعالى: والصبيان والنساء من أهل البغى إذا قتلوا معهم فهم في الصلاة عليهم مثل الرجال البالغين. قال: وأكره للعدلي أن يعمد قتل ذي رحمه من أهل البغى ولو كف عن قتل أبيه أو ذي رحمه أو أخيه من أهل الشرك لم أكره ذلك له بل أحبه وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم كف أبا حذيفة ابن عتبة عن قتل أبيه وأبا بكر يوم أحد عن قتل أبيه، وإذا قتلت الجماعة الممتنعة من أهل القبلة غير المتأولة أو أخذت المال فحكمهم حكم قطاع الطريق، وهذا مكتوب في كتاب قطع الطريق * وإذا ارتد قوم عن الاسلام فاجتمعوا وقاتلوا فقتلوا وأخذوا المال فحكمهم حكم أهل الحرب من المشركين، وإذا تابوا لم يتبعوا بدم ولا مال. فإن قال قائل: لم لا يتبعون؟ قيل هؤلاء صاروا محاربين حلال الأموال والدماء وما أصاب المحاربون لم يقتص منهم وما أصيب لهم لم يرد عليهم وقد قتل طليحة عكاشة ابن محصن وثابت بن أقرم ثم أسلم هو فلم يضمن عقلا ولا قودا (قال الشافعي) رحمه الله تعالى: والحد في المكابرة في المصر والصحراء سواء ولعل المحارب في المصر أعظم ذنبا (قال الربيع) وللشافعي قول آخر: يقاد منهم إذا ارتدوا وحاربوا فقتلوا من قبل أن الشرك إن لم يزدهم شرا لم يزدهم خيرا بأن يمنع القود منهم (قال الشافعي) رحمه الله تعالى: ولو أن أهل البغى ظهروا على مدينة فأراد قوم غيرهم من أهل البغى قتالهم لم أرد أن يقاتلهم أهل المدينة معهم، فإن قالوا نقاتلكم معا وسع أهل المدينة قتالهم دفعا لهم عن أنفسهم وعيالهم وأموالهم وكانوا في معنى من قتل دون نفسه وماله إن شاء الله تعالى. ولو سبى المشركون أهل البغى وكانت بالمسلمين قوة على قتال المشركين لم يسع المسلمين الكف عن قتال المشركين حتى يستنقذوا أهل البغى. ولو غزا المسلمون فمات عاملهم فغزوا معا أو متفرقين وكل واحد منهم رد. لصاحبه شرك كل واحد منهم صاحبه في الغنيمة (قال الشافعي) رحمه الله تعالى: قال لي قائل: فما تقول فيمن أراد مال رجل أو دمه أو حرمته؟ قلت له: فله دفعه عنه. قال فإن لم يكن يدفع عنه إلا بقتال؟ قلت فيقاتله. قال وان أتى القتال على نفسه؟ قلت: نعم. إذا لم يقدر على دفعه إلا بذلك. قال: وما معنى يقدر على دفعه بغير ذلك؟ قلت: أن يكون فارسا والعارض له راجل فيمعن علي الفرس، أو يكون متحصنا فيغلق