إن حجية الرواية وحكومتها على الأدلة الناهية عن القول والعمل بغير العلم، والمانعة عن اتباع الظن تتوقف على تمامية الاقتضاء والشرائط لاعتبارها وانتفاء الموانع عن حجيتها.
وهذه الرواية فاقدة لما يكون دخيلا في الاعتماد عليها بوجوه شتى، نشير إلى بعضها:
الأول: أن راويها كذبها بما جاء في الآثار، من أنه أوصى عائشة أن يدفن جنب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) (1)، فإن دار النبي مما تركه، وما تركه - على فرض صحة هذه الرواية - صدقة، فكيف تصح هذه الوصية؟! وكيف يجوز هذا التصرف فيما هو صدقة على من كان في زمانه من المسلمين بأجمعهم حتى القاصرين ومن لم يكن إلى يوم القيامة؟!
فبأية ولاية على الحاضرين والغائبين، والموجودين والمعدومين عند الدفن، صح هذا التصرف؟!
وهل رضى بالتصرف في هذه الصدقة علي وفاطمة وأولادهما (عليهم السلام)، وهم - على ما زعموا - من مصارف هذه الصدقة؟!
الثاني: أنه كذبها بعده من قام مقامه عملا، حيث أوصى وقال: إذا أنا مت فاجعلوني إلى باب بيت عائشة فقولوا لها هذا عمر بن الخطاب يقرؤك السلام، ويقول أدخل أو أخرج، قال فسكتت ساعة ثم قالت أدخلوه، فادفنوه... (2).
فإن صح هذا الحديث يكون دفنهما فيما هو صدقة على جميع الأمة بإذن عائشة