الجهة الثالثة:
الانسان له قدرات فكرية يستطيع بها أن يستكشف عددا من أسرار الطبيعة وقوانينها، ويستخدم بعض طاقاتها، وفيه أهواء نفسانية وقوى شهوانية وغضبية توسعية خطيرة، لا تقف عند حد، وهذه خاصية طبيعة الانسان.
ولهذا ارتبط صلاح الأرض وفسادها بصلاح الانسان وفساده {ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس} (1)، بل بمقتضى قوله تعالى: {وسخر لكم ما في السماوات وما في الأرض جميعا منه إن في ذ لك لآيات لقوم يتفكرون} (2) فإن صلاح الكرات الأخرى وفسادها مرتبط بالإنسان أيضا.
والذي يضمن إصلاح هذا الموجود، إنما هو الهداية الإلهية، التي تحقق له الاعتدال الفكري بالعقائد الحقة، والإعتدال الروحي بالأخلاق الفاضلة، والأعمال الصالحة.
الجهة الرابعة:
إن حياة الانسان بسبب حاجاته المختلفة مرتبطة بالمجتمع، وهذا الارتباط يستتبع التأثير والتأثر المتقابل، فيوجب ذلك حقوقا مختلفة للأفراد والمجتمع، لا بقاء للحياة الاجتماعية إلا بإحقاقها، ولا يمكن إحقاقها إلا بوضع وإجراء قوانين صحيحة مصونة من النقص والخطأ، معصوم واضعها ومنفذها عن التأثر بالمصالح