مئة بعير! (1).
وقد فارق الدنيا وما ترك دينارا ولا درهما ولا غلاما ولا أمة، ولا شاة ولا بعيرا، وكانت درعه مرهونة عند يهودي على عشرين صاعا من شعير، اشتراها لقوت عياله! (2).
ولا بد من التأمل في نقطتين:
الأولى: لا شك أن اليهودي لم يكن يطلب من النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) الوثيقة، لمكانته وأمانته، لكنه (صلى الله عليه وآله وسلم) قصد أن يراعي قانون الرهن عند عدم كتابة الدين، ليكون المال وثيقة عند الدائن، حتى لو كان الدائن يهوديا، والمدين أكبر شخصية في الاسلام.
الثانية: أنه كان في متناول النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أطيب الأطعمة وألذها، لكنه اكتفى إلى آخر عمره الشريف بخبز الشعير، حتى لا يكون طعامه أحسن من طعام أضعف رعيته!
نموذج من إيثار النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) إن مكانة فاطمة الزهراء سلام الله عليها معلومة عند الخاصة والعامة، فإن كتب الفريقين مشحونة بفضائلها، كما يأتي، وقد قامت في محرابها حتى تورم قدماها (3) تأسيا بأبيها، وكانت مع استغراقها في عبادة الله تقوم بإدارة بيت ولي الله وتربية أبناء رسول الله، حتى أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) دخل عليها ذات يوم فرآها تطحن