ثم مع الاعتراف بأن الإمامة عند الجميع خلافة للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في تطبيق الدين وحفظ كيان الأمة، وأن الإمام واجب الطاعة على جميع الأمة (1)، ومع ملاحظة قوله تعالى: {إن الله يأمر بالعدل والإحسان} (2)، وقوله: {يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر} (3)، يتضح أن الإمام يجب أن يكون معصوما، وإلا لزم من الأمر بطاعته المطلقة الأمر بالظلم والمنكر، والنهي عن العدل والمعروف، سبحانه وتعالى.
ومن جهة أخرى، إذا لم يكن الإمام معصوما فقد يخالف أمره أمر الله ورسوله، وفي هذه الحالة يكون الأمر بإطاعة الله ورسوله والأمر بإطاعة ولي الأمر، بمقتضى إطلاق الأمر والمأمور به فيهما، أمرا بالضدين، وهو محال، فولي الأمر على الإطلاق عقلا ونقلا لا يكون إلا المعصوم على الإطلاق.
والنتيجة: أن أمر الله سبحانه بإطاعة (أولي الأمر) بلا قيد ولا شرط، دليل على عدم مخالفة أمرهم لأمر الله ورسوله، وهذا دليل على عصمتهم، وتعيين المعصوم لا يمكن إلا من قبل العالم بالسر والخفيات.
حكومة السنة لا يخفى أن الاستشهاد بالروايات الواردة من طرق العامة في هذه المقدمة على إمامة أمير المؤمنين (عليه السلام) لإتمام الحجة، والجدال بالتي هي أحسن، وإلا ففي تحقق شروط الإمامة التي يحكم بها العقل والكتاب في نفسه القدسية (عليه السلام)، وانطباق الكبرى عليها قهرا، فيما تواتر من السنة على إمامته غنى وكفاية.