تمحكه الخصوم، ولا يتمادى في [إثبات] الزلة، ولا يحصر من الفئ إلى الحق إذا عرفه، ولا تشرف نفسه على طمع، ولا يكتفي بأدنى فهم دون أقصاه، وأوقفهم في الشبهات، وآخذهم بالحجج، وأقلهم تبرما بمراجعة الخصم [الخصوم]، وأصبرهم على تكشف الأمور، وأصرمهم عند اتضاح الحكم، ممن لا يزدهيه إطراء، ولا يستميله إغراء [اغراق]، [ولا يصغي للتبليغ، فول قضاءك من كان كذلك [وهم] وأولئك قليل،... ".
فإذا كان القاضي عالما حليما ورعا سخيا، لا يؤثر فيه تطميع، ولا يتأثر بتخويف، متوقفا عند الشبهة، قاطعا للخصومة عند اتضاح الحكم، لا يكتفي في الحكم إلا بأقصى مراتب الفهم لاستكشاف الحق، وكان أصبرهم على كشف الأمر، وإذا عرف الحق لا يصرفه عنه صارف بلغ ما بلغ، فإن قضاء مثله يكون مصلحا للعباد وعامرا للبلاد، وهو ما أراد الله من الحكام من الحكم بالحق والعدل {وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل} (1)، {يا داود إنا جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس بالحق} (2).
* العمال وأعوان الوالي على تقلد الأمور قد وصفهم (عليه السلام) بقوله: ثم انظر في أمور عمالك فاستعملهم اختبارا، ولا تولهم محاباة وأثرة، فإنهما جماع من شعب الجور والخيانة، [وإدخال الضرورة على الناس، وليست تصلح الأمور بالإدغال، فاصطف لولاية أعمالك أهل العلم والورع والسياسة] وتوخ منهم أهل التجربة والحياء، من أهل البيوتات