ختام فيه نقطتان النقطة الأولى التعبد في الدين:
إن من يلاحظ بناء صرح هذا الدين القيم في أصوله وفروعه، ويتفكر في تشريعاته للعبادات والمعاملات، ويتأمل في سياسته في إدارة النفس والبيت والمدينة، وفي مجموعة آداب الاسلام من مستحبات ومكروهات، يدرك بيقين أن هذه القوانين والتشريعات قامت على أساس حكمة بالغة.
ومن الطبيعي أن إدراك الحكمة في قوانين دين شرع أحكامه لسعادة الانسان في عوالم حياته كلها، يتوقف على إحاطتنا بهذه العوالم، ومعرفة حاجات الانسان فيها وطرق تأمينها، بل الانصاف أن إدراك الحكمة بشكل كامل لحكم شرعي واحد لا يتيسر للإنسان، لأن هذا الحكم جزء من برنامج للإنسان في عوالم حياته جميعا.
لهذا، فإن عدم إدراكنا للحكمة من تشريعات الاسلام، لا يكون دليلا على عدم وجودها، بل يكون دليلا على قصورنا عن ذلك.
فكما أن كتاب خلق الطبيعة والكون، فيه محكمات ومتشابهات لا تعلم حكمة وجودها، ولا يجوز بحكم العقل أن ترفع اليد عن العلم بالجهل، وأن ينقض اليقين بالشك، كذلك كتاب الأحكام والتشريعات فيه محكمات ومتشابهات، وهذا هو مقتضى طبيعة تشريع مشرعه الحكيم اللطيف الخبير الذي هو بكل شئ عليم