بلا فصل لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، ونذكر هنا ما يستفاد منه وجوه أخرى:
هنا قضيتان: ثبوت خلافته (عليه السلام) للرسول (صلى الله عليه وآله وسلم)، ونفيها عن غيره، والقضيتان لكل مسلم من القضايا التي لا تحتاج إلى الاستدلال، وإنما الحاجة إلى تذكر أمور يستلزم تصورها التصديق بهما إيجابا وسلبا:
الأول: إن الخليفة خلف للمستخلف عنه، يقوم مقامه، والبدل من كل شئ خلف منه، وحقيقة الخلافة تقتضي أن يقوم الخليفة مقام المستخلف عنه بتحمل ما كان يتصدى له وما يتوقع منه، فهو بدل عنه، به يملأ خلأ فقدانه، لهذا فإن بدلية الخليفة عن المستخلف عنه وقيامه مقامه تستوجب تناسبا خاصا بينهما، تدور الخلافة مداره وجودا وعدما، فلا يستخلف الشمس إلا بالقمر الذي بنوره يسد خلأ ضيائها، ولا تكون الظلمة خليفة للنور، ولا الجاهل بدلا عن العالم، ولا الفاقد قائما مقام الواجد.
وعندما تحصل غيبة أو فقد لمن يكون في الذروة العليا من الحكمة النظرية والعملية، يقوم مقامه من يتلوه في الحكمتين، لا من يكون فاقدا لهما، ولا من هو في المراتب النازلة منهما.
الثاني: لابد أن يتأمل في أن المستخلف عنه، وهو الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم) من هو؟ وما هو الذي يترقب منه بالنسبة إلى الأمة؟
إن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) هو الانسان الكامل الذي فاق النبيين والمرسلين في جميع ما أعطاهم الله من الكمالات العلمية والعملية، والآيات التدوينية والتكوينية.
والغرض من بعثته خروج استعداد نوع الانسان للكمالات الممكنة له من القوة إلى الفعل - حتى يبلغ من الفضائل إلى مقامات يغبطه بها الملأ الأعلى، ويباهي الله به ملائكة السماء - وإحقاق الحق فيعطي كل ذي حق حقه وإقامة الناس