لأن آخذ الصدقة في الظاهر هو المحتاج وآخذها في الواقع الله عز وجل، قال تعالى:
{ألم يعلموا أن الله هو يقبل التوبة عن عباده ويأخذ الصدقات} (1).
الانفاق والإيثار ودرجات الكمال بلغ اهتمام الاسلام بقضاء حوائج المحتاجين أنه فتح باب الإيثار، قال الله تعالى: {ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة} (2)، وأوصل الإيثار إلى منتهى درجات الكمال فقال تعالى عن أهله صلوات الله عليهم: {ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا * إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاء ولا شكورا} (3).
إشارة إلى الآثار الاجتماعية للإنفاق إن ما تقدم ليس إلا نبذة من حكمة تشريع الاسلام للزكاة والصدقات، هذا التشريع المقدس الذي يطهر نفوس الأغنياء من كدورة البخل والحرص والطمع وصدئها، ويطهر أموالهم من حقوق الفقراء التي هي بمنزلة دمائهم فلا يبتلى الغني بضغط الدم ولا الفقير بفقر الدم، ويوثق العلاقة بين الطبقة الغنية والفقيرة، ويبدل العلاقة بينهما من الغل إلى الألفة، ويقلل الفاصلة بين هاتين الطبقتين اللتين يتكون منهما المجتمع.
وهو تشريع يسد حاجات الفقراء، في ظل حفظ كرامتهم، ويطفئ نار حسد الفقراء بماء رحمة الانفاق الذي استمن الغني من الفقير في ذلك الانفاق، وحفظ - في