وحينما يصل منه معروف إلى غيره، يرى كرامة الغير فيرى الكثير قليلا في مقابل كرامة الانسان.
وعندما ينظر إلى نفسه يعلم مساويها فيكون على يقين منها، ولا يعلم لنفسه محاسن، لأن غضب الله مخفي في معاصيه، فلعل سيئة من سيئاته تمحو جميع حسناته.
أما إذا نظر إلى غيره فلا يكون على يقين من مساويه لخفاء رضا الله سبحانه في طاعته، فلعل بينه وبين الله حسنة تمحو سيئاته، فتمام الأمر أن يرى الناس كلهم خيرا منه، وأنه شرهم في نفسه.
ولا مجال لاستخراج جواهر المعرفة من كلمات معدن العلم والحكمة، وما قيل أو يقال فإنما هو غرفة من البحر أو رشحة من الديم، ففي كل خطاب منه " يا هشام " باب ينفتح منه أبواب.
كراماته (عليه السلام) ومن كراماته مما رواه العامة والخاصة:
ما عن شقيق البلخي، قال: خرجت حاجا في سنة تسع وأربعين ومئة فنزلت القادسية، فبينا أنا أنظر إلى الناس في زينتهم وكثرتهم، فنظرت إلى فتى حسن الوجه شديد السمرة ضعيف، فوق ثيابه ثوب من صوف مشتمل بشملة، في رجليه نعلان وقد جلس منفردا، فقلت في نفسي: هذا الفتى من الصوفية يريد أن يكون كلا على الناس في طريقهم، والله لأمضين إليه ولأوبخنه، فدنوت منه،