لما مات علي بن الحسين (عليهما السلام) وجدوه يقوت مئة بيت من أهل المدينة كان يحمل إليهم ما يحتاجون إليه (1).
وقال محمد بن إسحاق: كان ناس من أهل المدينة يعيشون لا يدرون من أين كان معاشهم، فلما مات علي بن الحسين (عليهما السلام) فقدوا ما كانوا يؤتون به في الليل (2).
وقد روت الخاصة والعامة ما رؤي من آثار سواد في ظهره من حمل جرب الدقيق على ظهره ليلا، وإيصالها إلى فقراء المدينة سرا (3).
إن من شغله اضطراب خادمه في قتل ولده عن مصابه بابنه فأسكن روعته بتسليته، واعتذر عنه بأنك لم تكن متعمدا وأعتقه، والذي لم يتحمل أن يرى عينا باكية من هم الدين، فجعل دينه على نفسه، والذي ينفق على من يشتمه ولا يعرفه بنفسه لكيلا يرى ذل الانكسار في وجه شاتمه، والذي يحمل على ظهره الدقيق والحطب للأيتام والمساكين، ويبسط رحمته على الانسان والحيوان، ويموت وعلى جبهته وظهره الثفنات التي تكشف عن إفناء نفسه في عبادة الله، والإحسان إلى عيال الله، يليق بأن يطلق عليه إمام الانسان وحجة الله على الإنس والجان.
والذي يحير العقول في عظمته (عليه السلام) أنه مع استغراقه في معرفة الرب بأدعيته، وانشغاله في عبادته بإحياء الليل وصيام النهار، وأداء حقوق الخلق على ما في رسالته في الحقوق التي أعطت كل ذي حق حقه، يقول: وأما رحمة الله فإن الله