فإن كان هو أوجد نفسه، فلا يخلو إما أن أوجد نفسه عندما كان موجودا أو أوجد نفسه عندما كان معدوما، فإن كان الأول يلزم إيجاد الموجود، وهو محال، وإن كان الثاني يلزم علية المعدوم للوجود، وهو محال أيضا.
وإن كان الموجد له غيره، فإن كان ذلك الغير مثله غير موجود ثم وجد، فحكمه حكم ذلك الشئ بلا فرق.
لذلك، تقضي ضرورة العقل بأن كل شئ لم يكن موجودا ثم كان، لابد أن يكون له موجد ليس للعدم إلى ذاته سبيل.
وبهذا يظهر أن كل موجودات العالم وتطوراتها دليل على وجود موجد لها ليس له موجد، وأن كل المصنوعات والمخلوقات دليل على وجود خالق وصانع غير مخلوق ولا مصنوع.
الطريق الثاني:
لو عثر على ورقة مطروحة في صحراء مكتوب عليها حروف المعجم من الألف إلى الياء بالترتيب، فإن ضمير كل انسان يشهد بأن كتابة تلك الحروف وترتيبها ناتجة عن فهم وإدراك.
وإذا رأى على الورقة كلمة مؤلفة من الحروف المذكورة وكلاما منسقا من الكلمات، فإنه سيؤمن بعلم الكاتب وفكره، بنسبة ذلك التأليف والتنسيق، ويستدل به على علمه وحكمته.
فهل تكوين نبتة من عناصرها الأولية أقل دلالة على علم صانعها وحكمته من تركيب جملة من الكلام الدال بوضوح على علم كاتبه؟!
فما بال الانسان يستدل بالسطر على علم كاتبه وحكمته، ولا يستدل بالنبتة