السهام والأحجار من حراس الحصن، حتى وصل إلى باب الحصن فدحاه، وبرز إليه مرحب فقده شطرين، وقتل بعده سبعين من فرسانهم، وكبر معلنا الفتح، فالتحق به المسلمون، وذهل المسلمون واليهود من فعله (1)!
ذلك البطل الذي ترتعد من هيبته فرائص الأبطال، كان يجمع إلى تلك الشجاعة الخوف والخشية لله تعالى، فكان إذا تهيأ للصلاة تغير لونه، وارتعد بدنه، فيسألونه عن ذلك فيقول: " جاء وقت أمانة عرضها الله تعالى على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وحملها الانسان... " (2).
إن ذلك البطل الذي كان تقشعر جلود الفرسان من سطوته في ميادين الحرب كان إذا جن عليه الليل يتململ تململ السليم ويقول باكيا: " يا دنيا، يا دنيا إليك عني، أبي تعرضت؟ أم إلي تشوقت؟ لا حان حينك هيهات غري غيري لا حاجة لي فيك، قد طلقتك ثلاثا لا رجعة لي فيها... آه! من قلة الزاد، وطول الطريق وبعد السفر " (3).
وسأله أعرابي شيئا فأمر له بألف، فقال الوكيل: من ذهب أو فضة؟ فقال:
" كلاهما عندي حجران، فأعط الأعرابي أنفعهما له " (4).
وفي أي الأمم والشعوب رأيت شجاعة اقترنت بالكرم في ساحة الحرب، حيث قال له مشرك: يا ابن أبي طالب هبني سيفك، فرماه إليه! فقال المشرك:
عجبا يا ابن أبي طالب في مثل هذا الوقت تدفع إلي سيفك؟!