* * نعم، هكذا ربى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) عليا (عليه السلام)، وعندما ارتضى تربيته قال عنه: " أنا أديب الله، وعلي أديبي " (1).
لقد استطاع بهذه التربية أن يقدم للبشرية قدوة إنسانية كاملة، مزج الصلابة في ميدان الحرب برقة قلب تنحدر بها دموعه على خديه لمنظر يتيم محروم!
واستطاع أن يرفع مستوى الانسانية إلى درجة تتحرر فيها من قيود جميع المنافع الدنيوية المحدودة والأخروية غير المحدودة، وتتمحض فيها لعبودية رب العالمين!.
ثم لم يكن هذا الإخلاص من أجل نفعه، بل من أجل أنه آمن بأن ربه أهل للعبادة فعبده!
لقد جمع النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في شخصية تلميذه، بين حرية وعبودية، هي المقصد النهائي من خلق الانسان والكون، فقد أفنى رضاه وغضبه في رضا خالقه وغضبه، حتى لم يعد له رضا وغضب!
وقد شهد على ذلك مبيته على فراش النبي عند هجرته (2)، وضربته يوم الخندق التي روي عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أنها تعدل عمل الثقلين! (3).
أليس من حق ذلك الرجل (صلى الله عليه وآله وسلم)، الذي عمل في أرض جزيرة العرب