علمه إلا بما شاء وسع كرسيه السماوات والأرض ولا يؤده حفظهما وهو العلى العظيم} (1)، فخروا له سجدا وقالوا: (سبحان ربي الأعلى وبحمده).
وفي مجال العاطفة الانسانية، نلاحظ أن المجتمع الذي بعث فيه النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) كان يتصف بقسوة شديدة جعلتهم يئدون بناتهم ويدفنونهن وهن أحياء! (2)، فأحيى فيهم العواطف الانسانية، بحيث تحولوا إلى أرحم أمة فاتحة، فعندما فتحوا مصر رأوا حمامة بنت عشها على خيمة من خيام معسكرهم، ولما أرادوا أن يرحلوا تركوا لها الخيمة حتى لا يخرب عشها، وسموا الخيمة بالفسطاط، ثم سموا المدينة التي بنوها هناك باسم الخيمة (فسطاط مصر) (3).
وأزال تطاول الأغنياء على الفقراء إلى درجة أنه اتفق أن رجلا غنيا نظيف الثياب كان في مجلس رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، فجاء فقير فجلس إلى جنبه، فجمع الغني ثيابه من جانبه، فقال له النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): أخفت أن يمسك من فقره شئ؟ قال: لا، قال:
فخفت أن يصيبه من غناك شئ؟ قال: لا، قال: فخفت أن يوسخ ثيابك؟ قال: لا. قال: فما حملك على ما صنعت؟
فقال: يا رسول الله إن لي قرينا يزين لي كل قبيح، ويقبح لي كل حسن، وقد جعلت له نصف مالي.
فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) للمعسر: أتقبل؟ قال: لا.