بالموسم، فقال له: صف عليا قال: أو تعفني؟ قال: لا بد أن تصفه لي، قال:
كان والله أمير المؤمنين عليه السلام طويل المدى، شديد القوى، كثير الفكرة، غزير العبرة، يقول فصلا، ويحكم عدلا، يتفجر العلم من جوانبه، وتنطلق الحكمة من نواحيه، يستوحش من الدنيا وزهرتها، ويأنس بالليل ووحشته، وكان فينا كأحدنا يجيبنا إذا دعوناه ويعطينا إذا سألناه، ونحن والله مع قربه لا نكلمه لهيبته، ولا ندنو منه تعظيما له، فإن تبسم فعن غير أشر ولا اختيال، وإن نطق فعن الحكمة وفصل الخطاب، يعظم أهل الدين ويحب المساكين، ولا يطمع الغني في باطله، ولا يوئس الضعيف من حقه، فأشهد لقد رأيته في بعض مواقفه، وقد أرخى الليل سدوله وهو قائم في محرابه قابض على لحيته، يتململ تملل السليم، ويبكي بكاء الحزين، ويقول:
يا دنيا، يا دنيا، إليك عني أبي تعرضت؟ أم لي تشوقت؟ لا حان حينك، هيهات، غري غيري، لا حاجة لي فيك، قد طلقتك ثلاثا لا رجعة فيها، فعيشك قصير، وخطرك يسير، وأملك حقير، آه من قلة الزاد وطول المجاز، وبعد السفر وعظيم المورد.
قال: فوكفت دموع معاوية ما يملكها، وهو يقول: هكذا كان علي عليه السلام، فكيف حزنك عليه يا ضرار؟ قال: حزني عليه والله حزن من ذبح واحدها في حجرها فلا ترقأ دمعتها ولا تسكن حرارتها (1).
وبإسناد مرفوع إلى عبد الله بن العباس رحمه الله قال: نزلت هذه الآية في أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام: (إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودا) 2 قال: محبة في قلوب المؤمنين (3).