حَتَّى لَمْ يُحِبُّوا سِواكَ وَلَمْ يَلْجَأُوا إِلى غَيْرِكَ ، أَ نْتَ الْمُؤْ نِسُ لَهُمْ حَيْثُ أَوْحَشَتْهُمُ الْعَوالِمُ ، وَأَ نْتَ الَّذِي هَدَيْتَهُمْ حَيْثُ اسْتَبانَتْ لَهُمُ الْمَعالِمُ ، مَاذا وَجَدَ مَنْ فَقَدَكَ ؟ وَمَا الَّذِي فَقَدَ مَنْ وَجَدَكَ ؟ لَقَدْ خابَ مَنْ رَضِيَ دُونَكَ بَدَلاً ، وَلَقَدْ خَسِرَ مَنْ بَغى عَنْكَ مُتَحَوِّلاً ، كَيْفَ يُرْجى سِواكَ وَأَ نْتَ مَا قَطَعْتَ الاْحْسانَ ؟ وَكَيْفَ يُطْلَبُ مِنْ غَيْرِكَ وَأَ نْتَ مَا بَدَّلْتَ عادَةَ الاِمْتِنانِ ؟ يَا مَنْ أَذاقَ أَحِبَّاءَهُ حَلاوَةَ الْمُؤانَسَةِ فَقامُوا بَيْنَ يَدَيْهِ مُتَمَلِّقِينَ ، وَيَا مَنْ أَ لْبَسَ أَوْ لِياءَهُ مَلابِسَ هَيْبَتِهِ فَقامُوا بَيْنَ يَدَيْهِ مُسْتَغْفِرِينَ ، أَ نْتَ الذَّاكِرُ قَبْلَ الذَّاكِرِينَ ، وَأَ نْتَ الْبادِئُ بِالاحْسانِ قَبْلَ تَوَجُّهِ الْعابِدِينَ ، وَأَ نْتَ الْجَوادُ بِالْعَطاءِ قَبْلَ طَلَبِ الطَّالِبِينَ ، وَأَ نْتَ الْوَهَّابُ ثُمَّ لِما وَهَبْتَ لَنا مِنَ الْمُسْتَقْرِضِينَ . إِلهِي اطْلُبْنِي بِرَحْمَتِكَ حَتَّى أَصِلَ إِلَيْكَ ، وَاجْذِبْنِي بِمَنِّكَ حَتَّى أُقْبِلَ عَلَيْكَ . إِلهِي إِنَّ رَجائِي لاَ يَنْقَطِعُ عَنْكَ وَ إِنْ عَصَيْتُكَ ، كَما أَنَّ خَوفِي لاَ يُزايِلُنِي وَ إِنْ أَطَعْتُكَ ، فَقَدْ دَفَعَتْنِي الْعَوالِمُ إِلَيْكَ ، وَقَدْ أَوْقَعَنِي عِلْمِي بِكَرَمِكَ عَلَيْكَ . إِلهِي كَيْفَ أَخِيبُ وَأَ نْتَ أَمَلِي ؟ أَمْ كَيْفَ أُهانُ وَعَلَيْكَ مُتَّكَلِي ؟ إِلهِي كَيْفَ أَسْتَعِزُّ وَفِي الذِّلَّةِ أَرْكَزْتَنِي ؟ أَمْ كَيْفَ لاَ أَسْتَعِزُّ وَ إِلَيْكَ نَسَبْتَنِي ؟ إِلهِي كَيْفَ لاَ أَ فْتَقِرُ وَأَ نْتَ الَّذِي فِي الْفُقَراءِ أَ قَـمْـتَنِي ؟ أَمْ كَيْفَ أَ فْتَقِرُ وَأَ نْتَ الَّذِي بِجُودِكَ أَغْنَيْتَنِي ؟ وَأَ نْتَ الَّذِي لاَ إِلهَ غَيْرُكَ تَعَرَّفْتَ لِكُلِّ شَيْء فَما جَهِلَكَ شَيْءٌ ، وَأَ نْتَ الَّذِي تَعَرَّفْتَ إِلَيَّ فِي كُلِّ شَيْء فَرَأَيْتُكَ ظاهِراً فِي كُلِّ شَيْء ، وَأَ نْتَ الظَّاهِرُ لِكُلِّ شَيْء ، يَا مَنِ اسْتَوى بِرَحْمانِيَّتِهِ فَصارَ الْعَرْشُ غَيْباً فِي ذاتِهِ ، مَحَقْتَ الاْثارَ بِالاْثارِ ، وَمَحَوْتَ الاْغْيارَ بِمُحِيطاتِ أَ فْلاكِ الاْ نْوارِ ، يَا مَنِ احْتَجَبَ فِي سُرادِقاتِ عَرْشِهِ عَنْ أَنْ تُدْرِكَهُ الاْ بْصارُ ، يَا مَنْ تَجَلَّى بِكَمالِ بَهائِهِ فَتَحَقَّقَتْ عَظَمَتُهُ [ مِنَ ] الاسْتِواءَ ، كَيْفَ تَخْفى وَأَ نْتَ الظَّاهِرُ ؟ أَمْ كَيْفَ تَغِيبُ وَأَ نْتَ الرَّقِيبُ الْحاضِرُ ؟ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْء قَدِيرٌ ، وَالْحَمْدُ لِلّهِ وَحْدَهُ .
* * *