وَقَصَبِي وَعِظامِي وَمُخِّي وَعُرُوقِي وَجَمِيعُ جَوارِحِي وَمَا انْتَسَجَ عَلَى ذلِكَ أَيَّامَ رِضاعِي ، وَمَا أَ قَلَّتِ الاْرْضُ مِنِّي وَنَوْمِي وَيَقْظَتِي وَسُكُونِي ، وَحَرَكاتِ رُكُوعِي وَسُجُودِي أَنْ لَوْ حاوَلْتُ وَاجْتَهَدْتُ مَدَى الاْعْصارِ وَالاْحْقابِ لَوْ عُمِّرْتُها أَنْ أُؤَدِّيَ شُكْرَ واحِدَة مِنْ أَ نْعُمِكَ مَا اسْتَطَعْتُ ذلِكَ إِلاَّ بِمَنِّكَ الْمُوجَبِ عَلَيَّ بِهِ شُكْرُكَ أَبَداً جَدِيداً ، وَثَناءً طارِفاً عَتِيداً ، أَجَلْ وَلَوْ حَرَصْتُ أَ نَا وَالْعادُّونَ مِنْ أَنامِكَ أَنْ نُحْصِيَ مَدى إِنْعامِكَ سالِفِهِ وَآنِفِهِ [ سالِفَةً وَآنِفَةً ] مَا حَصَرْناهُ عَدَداً ، وَلاَ أَحْصَيْناهُ أَمَداً ، هَيْهاتَ أَ نَّى ذلِكَ وَأَ نْتَ الْـمُخْبِرُ فِي كِتابِكَ النَّاطِقِ وَالنَّبَاَ الصَّادِقِ ( وَ إِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللّهِ لاَ تُحْصُوها ) صَدَقَ كِتابُكَ اللّهُمَّ وَ إِنْباؤُكَ ، وَبَلَّغَتْ أَ نْبِياؤُكَ وَرُسُلُكَ مَا أَ نْزَلْتَ عَلَيْهِمْ مِنْ وَحْيِكَ ، وَشَرَعْتَ لَهُمْ وَبِهِمْ مِنْ دِينِكَ ، غَيْرَ أَ نِّي يَا إِلهِي أَشْهَدُ بِجُهْدِي وَجِدِّي وَمَبْلَغِ طاقَتِي [ طاعَتى ] وَوُسْعِي ، وَأَ قُولُ مُؤْمِناً مُوقِناً الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً فَيَكُونَ مَوْرُوثاً ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي مُلْكِهِ فَيُضادَّهُ فِيَما ابْتَدَعَ ، وَلاَ وَ لِيٌّ مِنَ الذُّلِّ فَيُرْفِدَهُ فِيما صَنَعَ ، فَسُبْحانَهُ سُبْحانَهُ لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلاَّ اللّهُ لَفَسَدَتا وَتَفَطَّرَتا ! سُبْحانَ اللّهِ الْواحِدِ الاْحَدِ الصَّمَدِ الَّذِي لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ ! الْحَمْدُ لِلّهِ حَمْداً يُعادِلُ حَمْدَ مَلائِكَتِهِ الْمُقَرَّبِينَ وَأَ نْبِيائِهِ الْمُرْسَلِينَ ، وَصَلَّى اللّهُ عَلَى خِيَرَتِهِ مُحَمَّد خاتَمِ النَّبِيِّينَ وَآلِهِ الطَّيِّبِينَ الطَّاهِرِينَ الْـمُخْلَصِينَ وَسَلَّمَ .
ثم اندفع في المسألة والدعاء وقال ـ وعيناه تنهمر بالدموع ـ :
اللّهُمَّ اجْعَلْنِي أَخْشاكَ كَأَ نِّي أَراكَ ، وَأَسْعِدْنِي بِتَقْواكَ ، وَلاَ تُشْقِنِي بِمَعْصِيَتِكَ ، وَخِرْ لِي فِي قَضائِكَ ، وَبارِكْ لِي فِي قَدَرِكَ ، حَتَّى لاَ أُحِبَّ تَعْجِيلَ مَا أَخَّرْتَ وَلاَ تَأْخِيرَ مَا عَجَّلْتَ . اللّهُمَّ اجْعَلْ غِنايَ فِي نَفْسِي ، وَالْيَقِينَ فِي قَلْبِي ، وَالاْخْلاصَ فِي عَمَلِي ، وَالنُّوْرَ فِي بَصَرِي ، وَالْبَصِيرَةَ فِي دِينِي ، وَمَتِّعْنِي بِجَوارِحِي ، وَاجْعَلْ سَمْعِي وَبَصَرِي الْوارِثَيْنِ مِنِّي ، وَانْصُرْنِي عَلَى مَنْ ظَلَمَنِي ، وَأَرِنِي فِيهِ ثارِي وَمَآرِبِي ، وَأَقِرَّ بِذلِكَ عَيْنِي . اللّهُمَّ اكْشِفْ كُرْبَتِي ، وَاسْتُرْ عَوْرَتِي ، وَاغْفِرْ لِي خَطِيئَتِي ، وَاخْسَأْ شَيْطانِي ، وَفُكَّ رِهانِي ، وَاجْعَلْ لِي يَا إِلهِي الدَّرَجَةَ الْعُلْيا فِي الاْخِرَةِ وَالاْولى . اللّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ كَما خَلَقْتَنِي فَجَعَلْتَنِي سَمِيعاً بَصِيراً ، وَلَكَ الْحَمْدُ كَما خَلَقْتَنِي فَجَعَلْتَنِي خَلْقاً [ حيّاً ] سَوِيّاً رَحْمَةً بِي وَقَدْ كُنْتَ عَنْ خَلْقِي غَنِيّاً ، رَبِّ بِما بَرَأْتَنِي فَعَدَّلْتَ فِطْرَتِي ، رَبِّ بِما أَ نْشَأْتَنِي فَأَحْسَنْتَ صُورَتِي ، رَبِّ بِما أَحْسَنْتَ إِلَيَّ [ بى ] وَفِي نَفْسِي عافَيْتَنِي ، رَبِّ بِما كَلاَتَنِي وَوَفَّقْتَنِي ، رَبِّ بِما أَ نْعَمْتَ عَلَيَّ فَهَدَيْتَنِي ، رَبِّ بِما أَوْلَيْتَنِي وَمِنْ كُلِّ خَيْر أَعْطَيْتَنِي ، رَبِّ بِما أَطْعَمْتَنِي وَسَقَيْتَنِي ، رَبِّ بِما أَغْنَيْتَنِي وَأَ قْنَيْتَنِي ، رَبِّ بِما أَعَنْتَنِي وَأَعْزَزْتَنِي ، رَبِّ بِما أَ لْبَسْتَنِي مِنْ سِتْرِكَ الصَّافِي ، وَيَسَّرْتَ لِي مِنْ صُنْعِكَ الْكافِي ، صَلِّ عَلَى مُحَمَّد وَآلِ مُحَمَّد ، وَأَعِنِّي عَلَى بَوائِقِ الدُّهُورِ وَصُرُوفِ اللَّيالِي وَالاْيَّامِ ، وَنَجِّنِي مِنْ أَهْوالِ الدُّنْيا وَكُرُباتِ الاْخِرَةِ ، وَاكْفِنِي شَرَّ مَا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ فِي الاْرْضِ . اللّهُمَّ مَا أَخافُ فَاكْفِنِي ، وَمَا أَحْذَرُ فَقِنِي ، وَفِي نَفْسِي وَدِينِي فَاحْرُسْنِي ، وَفِي سَفَرِي فَاحْفَظْنِي ، وَفِي أَهْلِي وَمالِي فَاخْلُفْنِي ، وَفِيما رَزَقْتَنِي فَبارِكْ لِي ، وَفِي نَفْسِي فَذَلِّلْنِي ، وَفِي أَعْيُنِ النَّاسِ فَعَظِّمْنِي ، وَمِنْ شَرِّ الْجِنِّ وَالاْنْسِ فَسَلِّمْنِي ، وَبِذُ نُوبِي فَلا تَفْضَحْنِي ، وَبِسَرِيرَتِي فَلا تُخْزِنِي ، وَبِعَمَلِي فَلا تَبْتَلِنِي ، وَ نِعَمَكَ فَلا تَسْلُبْنِي ، وَ إِلى غَيْرِكَ فَلا تَكِلْنِي . إِلهِي إِلى مَنْ تَكِلُنِي ؟ إِلى قَرِيب فَيَقْطَعُنِي ، أَمْ إِلى بَعِيد فَيَتَجَهَّمُنِي ، أَمْ إِلَى الْمُسْتَضْعِفِينَ لِي وَأَ نْتَ رَبِّي وَمَلِيكُ أَمْرِي ؟ أَشْكُو إِلَيْكَ غُرْبَتِي ، وَبُعْدَ دارِي ، وَهَوانِي عَلَى مَنْ مَلَّكْتَهُ أَمْرِي ، إِلهِي فَلا تُحْلِلْ عَلَيَّ غَضَبَكَ ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ غَضِبْتَ عَلَيَّ فَلا أُبالِي سِواكَ ، سُبْحانَكَ غَيْرَ أَنَّ عافِيَتَكَ أَوْسَعُ لِي ، فَأَسْأَ لُكَ يَا رَبِّ بِنُورِ وَجْهِكَ الَّذِي أَشْرَقَتْ لَهُ الاْرْضُ وَالسَّماواتُ ، وَكُشِفَتْ [ إنْكَشَفَتْ ] بِهِ الظُّلُماتُ ، وَصَلُحَ بِهِ أَمْرُ الاْوَّلِينَ وَالاْخِرِينَ أَنْ لاَ تُـمِـيتَنِي عَلَى غَضَبِكَ وَلاَ تُنْزِلْ بِي سَخَطَكَ ، لَكَ الْعُتْبى ، لَكَ الْعُتْبى حَتَّى تَرْضى قَبْلَ ذلِكَ لاَ إِلهَ إِلاَّ أَ نْتَ رَبَّ الْبَلَدِ الْحَرامِ وَالْمَشْعَرِ الْحَرامِ وَالْبَيْتِ الْعَتِيقِ الَّذِي