مناسك الحجّ - الشيخ وحيد الخراساني - الصفحة ٩٩
بِعَفْوِكَ، وَأَجْزَلْتَ فيهِ عَطِيَّتَكَ، وَتَفَضَّلْتَ بِهِ عَلى عِبادِكَ. أَللّهُمَّ وَأَنَا عَبْدُكَ الَّذي أَنْعَمْتَ عَلَيْهِ قَبْلَ خَلْقِكَ لَهُ، وَبَعْدَ خَلْقِكَ إِيّاهُ، فَجَعَلْتَهُ مِمَّنْ هَدَيْتَهُ لِدينِكَ، وَوَفَّقْتَهُ لِحَقِّكَ، وَعَصَمْتَهُ بِحَبْلِكَ، وَأَدْخَلْتَهُ في حِزْبِكَ، وَأَرْشَدْتَهُ لِمُوالاةِ أَوْلِيائِكَ، وَمُعاداةِ أَعْدائِكَ. ثُمَّ أَمَرْتَهُ فَلَمْ يَأْتَمِرْ، وَزَجَرْتَهُ فَلَمْ يَنْزَجِرْ، وَنَهَيْتَهُ عَنْ مَعْصِيَتِكَ فَخالَفَ أَمْرَكَ إِلى نَهْيِكَ، لامُعانَدَةً لَكَ، وَلاَ اسْتِكْباراً عَلَيْكَ، بَلْ دَعاهُ هَواهُ إِلى ما زَيَّلْتَهُ وَإِلى ما حَذَّرْتَهُ، وَأَعانَهُ عَلى ذلِكَ عَدُوُّكَ وَعَدُوُّهُ، فَأَقْدَمَ عَلَيْهِ عارِفاً بِوَعيدِكَ، راجِياً لِعَفْوِكَ، واثِقاً بِتَجاوُزِكَ، وَكانَ أَحَقَّ عِبادِكَ مَعَ ما مَنَنْتَ عَلَيْهِ أَلاّ يَفْعَلَ. وَها أَنَا ذا بَيْنَ يَدَيْكَ صاغِراً ذَليلاً، خاضِعاً خاشِعاً، خائِفاً مُعْتَرِفاً بِعَظيم مِنَ الذُنُوبِ تَحَمَّلْتُهُ، وَجَليل مِنَ الْخَطايَا اجْتَرَمْتُهُ، مُسْتَجيراً بِصَفْحِكَ، لائِذاً بِرَحْمَتِكَ، مُوقِناً أَنَّهُ لايُجيرُني مِنْكَ مُجيرٌ، وَلا يَمْنَعُني مِنْكَ مانِعٌ. فَعُدْ عَلَىَّ بِما تَعُودُ بِهِ عَلى مَنِ اقْتَرَفَ مِنْ تَغَمُّدِكَ، وَجُدْ عَلَىَّ بِما تَجُودُ بِهِ عَلى مَنْ أَلْقى بِيَدِهِ إِلَيْكَ مِنْ عَفْوِكَ، وَامْنُنْ عَلَىَّ بِما لا يَتَعاظَمُكَ أَنْ تَمُنَّ بِهِ عَلى مَنْ أَمَّلَكَ مِنْ غُفْرانِكَ، وَاجْعَلْ لي في هذَا الْيَوْمِ نَصيباً أَنالُ بِهِ حَظّاً مِنْ رِضْوانِكَ. وَلا تَرُدَّني صِفْراً مِمّا يَنْقَلِبُ بِهِ الْمُتَعَبِّدُونَ َلكَ مِنْ عِبادِكَ، وَإِنّي وَإِنْ لَمْ أُقَدِّمْ ما قَدَّمُوهُ مِنَ الصّالِحاتِ، فَقَدْ قَدَّمْتُ تَوْحيدَكَ، وَنَفْىَ الاْضْدادِ وَالاْنْدادِ وَالاْشْباهِ عَنْكَ، وَأَتَيْتُكَ مِنَ الاْبْوابِ الَّتي أَمَرْتَ أَنْ تُؤْتى مِنْها، وَتَقَرَّبْتُ إِلَيْكَ بِما لا يَقْرُبُ بِهِ أَحَدٌ مِنْكَ إِلاّ بِالتَّقَرُّبِ بِهِ، ثُمَّ أَتْبَعْتُ ذلِكَ بِالاْنابَةِ إِلَيْكَ، وَالتَّذَلُّلِ وَالاْسْتِكانَةِ لَكَ، وَحُسْنِ الظَّنِّ بِكَ، وَالثِّقَةِ بِما عِنْدَكَ، وَشَفَعْتُهُ بِرَجائِكَ الَّذي قَلَّ ما يَخيبُ عَلَيْهِ راجيكَ، وَسَأَلْتُكَ مَسْأَلَةَ الْحَقيرِ الذَّليلِ، الْبائِس الْفَقيرِ، الْخائِفِ الْمُسْتَجيرِ، وَمَعَ ذلِكَ خيفةً وَتَضَرُّعاً، وَتَعَوُّذاً وَتَلَوُّذاً، لا مُسْتَطيلاً بِتَكَبُّرِ الْمُتَكَبِّرينَ، وَلا مُتعالِياً بِدالَّةِ الْمُطيعينَ، وَلا مُسْتَطيلاً بِشَفاعَةِ الشّافِعينَ، وَأَنَا بَعْدُ أَقَلُّ الاْقَلّينَ، وَأَذَلُّ الاْذَلّينَ، وَمِثْلُ الذَّرَّةِ أَوْ دُونَها. فَيا مَنْ لَمُ يُعاجِلِ الْمُسيئينَ، وَلايَنْدَهُ الْمُتْرَفينَ، وَيا مَنْ يَمُنُّ بِإِقالَةِ الْعاثِرينَ، وَيَتَفَضَّلُ بِإِنْظارِ الْخاطِئينَ، أَنَا الْمُسيءُ الْمُعْتَرِفُ، الْخاطِئُ الْعاثِرُ، أَنَا الَّذي أَقْدَمَ عَلَيْكَ مُجْتَرِئاً، أَنَا الَّذي عَصاكَ مُتَعَمِّداً، أَنَا الَّذِي اسْتَخْفى مِنْ عِبادِكَ وَبارَزَكَ، أَنَا الَّذي هابَ عِبادَكَ وَأَمِنَكَ، أَنَا الَّذي لَمْ يَرْهَبْ سَطْوَتَكَ، وَلَمْ يَخَفْ بَأْسَكَ، أنَا الْجاني عَلى نَفْسِهِ، أنَا الْمُرْتَهَنُ بِبَلِيَّتِهِ، أنَا الْقَليلُ الْحَياءِ، أَنَا الطَّويلُ الْعَناءِ. بِحَقِّ مَنِ انْتَجَبْتَ مِنْ خَلْقِكَ، وَبِمَنِ اصْطَفَيْتَهُ لِنَفْسِكَ، بِحَقِّ مَنِ اخْتَرْتَ مِنْ بَرِيَّتِكَ، وَمَنِ اجْتَبَيْتَ لِشَأْنِكَ، بِحَقِّ مَنْ وَصَلْتَ طاعَتَهُ بِطاعَتِكَ، وَمَنْ جَعَلْتَ مَعْصِيَتَهُ كَمَعْصِيَتِكَ، بِحَقِّ مَنْ قَرَنْتَ مُوالاتَهُ بِمُوالاتِكَ، وَمَنْ نُطْتَ مُعاداتَهُ بِمُعاداتِكَ، تَغَمَّدْني في يَوْمي هذا بِما تَتَغَمَّدُ بِهِ مَنْ جَأَرَ إِلَيْكَ مُتَنَصِّلاً، وَعاذَ بِاسْتِغْفارِكَ تائِباً، وَتَوَلَّني بِما تَتَوَلّى بِهِ أَهْلَ طاعَتِكَ، وَالزُّلْفى لَدَيْكَ، وَالْمَكانَةِ مِنْكَ، وَتَوَحَّدْني بِما تَتَوَحَّدُ بِهِ مَنْ وَفى بِعَهْدِكَ، وَأَتْعَبَ نَفْسَهُ في ذاتِكَ، وَأَجْهَدَها في مَرْضاتِكَ. وَلا تُؤاخِذْني بِتَفْريطي في جَنْبِكَ، وَتَعَدّي طَوْري في حُدُودِكَ، وَمُجاوَزَةِ أَحْكامِكَ، وَلا تَسْتَدْرِجْني بِإِمْلائِكَ لِي اسْتِدْراجَ مَنْ مَنَعَني خَيْرَ ما عِنْدَهُ، وَلَمْ يَشْرَكْكَ في حُلُولِ  نِعْمَتِهِ بي. وَنَبِّهْني مِنْ رَقْدَةِ الْغافِلينَ، وَسِنَةِ الْمُسْرِفينَ، وَنَعْسَةِ الْمَخْذُولينَ، وَخُذْ بِقَلْبي إِلى مَا اسْتَعْمَلْتَ بِهِ الْقانِتينَ، وَاسْتَعْبَدْتَ بِهِ الْمُتَعَبِّدينَ، وَاسْتَنْقَذْتَ بِهِ الْمُتَهاوِنينَ، وَأَعِذْني مِمّا يُباعِدُني عَنْكَ، وَيَحُولُ بَيْني وَبَيْنَ حَظّي مِنْكَ، وَيَصُدُّني عَمّا أُحاوِلُ لَدَيْكَ، وَسَهِّلْ لي مَسْلَكَ الْخَيْراتِ إِلَيْكَ، وَالْمسابَقَةَ إِلَيْها مِنْ حَيْثُ أَمَرْتَ، وَالْمُشاحَّةَ فيها عَلى ما أَرَدْتَ. وَلا تَمْحَقْني في مَنْ تَمْحَقُ مِنَ الْمُسْتَخِفّينَ بِما أَوْعَدْتَ، وَلا تُهْلِكْني مَعَ مَنْ تُهْلِكُ مِنَ الْمُتَعَرِّضينَ لِمَقْتِكَ، وَلا تُتَبِّرْني في مَنْ تُتَبِّرُ مِنَ الْمُنْحَرِفينَ عَنْ سُبُلِكَ، وَنَجِّني مِنْ غَمَراتِ الْفِتْنَةِ، وَخَلِّصْني مِنْ لَهَواتِ الْبَلْوى، وَأَجِرْني مِنْ أَخْذِ الاْمْلاءِ، وَحُلْ بَيْني وَبَيْنَ عَدُوٍّ يُضِلُّني، وَهَوىً يُوبِقُني، وَمَنْقَصَة تَرْهَقُني، وَلا تُعْرِضْ عَنّي إِعْراضَ مَنْ لا تَرْضى عَنْهُ بَعْدَ غَضَبِكَ، وَلا تُؤْيِسْني مِنَ الاْمَلِ فيكَ، فَيَغْلِبَ عَلَىَّ الْقُنُوطُ مِنْ رَحْمَتِكَ، وَلا تَمْنَحْنِي بِما لا طاقَةَ لي بِهِ، فَتَبْهَظَني مِمّا تُحَمِّلُنيهِ مِنْ فَضْلِ مَحَبَّتِكَ. وَلا تُرْسِلْني مِنْ يَدِكَ إِرْسالَ مَنْ لا خَيْرَ فيهِ، وَلا حاجَةَ بِكَ إِلَيْهِ، وَلا إِنابَةَ لَهُ، وَلا تَرْمِ
(٩٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 94 95 96 97 98 99 100 101 102 103 104 » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 وجوب الحجّ 5
2 الوصيّة بالحج 13
3 فصل في النيابة 16
4 الحج المندوب 19
5 أقسام الحجّ 21
6 حج التمتع 21
7 حج الإفراد 23
8 حج القران 24
9 مواقيت الإحرام 25
10 أحكام المواقيت 25
11 كيفية الإحرام 28
12 تروك الإحرام 31
13 1 ـ الصيد البري 31
14 2 ـ مجامعة النساء 32
15 3 ـ تقبيل النساء 33
16 4 ـ مسّ النساء 34
17 5 ـ النظر إلى المرأة وملاعبتها 34
18 6 ـ الاستمناء 34
19 7 ـ عقد النكاح 34
20 8 ـ استعمال الطيب 34
21 9 ـ لبس المخيط للرجال 35
22 10 ـ الاكتحال 35
23 11 ـ النظر في المرآة 36
24 12 ـ لبس الخف والجورب للرجال 36
25 13 ـ الفسوق 36
26 14 ـ الجدال 36
27 15 ـ قتل هوامّ الجسد 37
28 16 ـ التزين 37
29 17 ـ الادّهان 37
30 18 ـ إزالة الشعر عن البدن 37
31 19 ـ تغطية الرأس للرجل 38
32 20 ـ الارتماس في الماء 38
33 21 ـ تغطية الوجه للنساء 38
34 22 ـ التظليل للرجال 38
35 23 ـ إخراج الدم من البدن 39
36 24 ـ التقليم 39
37 25 ـ قلع الضرس 39
38 26 ـ حمل السلاح 39
39 الطواف 41
40 النقصان في الطواف 45
41 الزيادة في الطواف 45
42 الشك في عدد الاشواط 46
43 صلاة الطواف 47
44 السعي 49
45 أحكام السعي 49
46 الشك في السعي 50
47 التقصير 52
48 واجبات الحجّ 53
49 الوقوف بعرفات 53
50 الوقوف في المزدلفة 54
51 منى وواجباتها 56
52 1 ـ رمي جمرة العقبة 56
53 2 ـ الذبح أو النحر بمنى 57
54 مصرف الهدى 59
55 3 ـ الحلق أو التقصير 59
56 طواف الحجّ وصلاته والسعي 60
57 طواف النساء 61
58 المبيت في منى 62
59 رمي الجمار 63
60 أحكام المصدود 63
61 أحكام المحصور 64
62 مستحبات الإحرام 65
63 مكروهات الإحرام 67
64 دخول الحرم ومستحباته 67
65 آداب دخول مكة المكرمة والمسجد الحرام 68
66 آداب الطواف 69
67 آداب صلاة الطواف 71
68 آداب السعي 71
69 آداب إحرام الحجّ إلى الوقوف بعرفات 72
70 آداب الوقوف بعرفات 73
71 آداب الوقوف بالمزدلفة 75
72 آداب رمي الجمرات 75
73 آداب الهدي 76
74 آداب الحلق 76
75 آداب طواف الحجّ والسعي 76
76 آداب منى 76
77 آداب مكة المعظمة 77
78 طواف الوداع 78
79 زيارة الرسول الاعظم صلى الله عليه وآله 78
80 زيارة الصديقة الزهراء عليها السلام 78
81 الزيارة الجامعة لائمة البقيع (عليهم السلام) 78
82 الزيارات والأدعية 80
83 زيارة رسول اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم) 80
84 زيارة فاطمة الزهراء (عليها السلام) 81
85 زيارة ائمّـه البقيع (عليهم السلام) 82
86 زيارة امين اللّه 83
87 الزيارة الجامعة الكبيرة 84
88 زيارة حمزه (عليه السلام) 87
89 زيارة ابراهيم بن رسول اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم) 88
90 زيارة شُهداء اُحُد 89
91 دعاء الامام الحسين (عليه السلام) يوم عرفة 90
92 دعاء الامام السجاد (عليه السلام) يوم عرفة 97
93 دعاء كميل بن زياد عليه الرّحمة 102