وإذا قال للمقر له: لك في ذمتي شئ، وجب أن يكون المدلول الذي يفسره به مما يصلح أن يكون في الذمة وتشتغل به، وإذا قال: لك عندي مال، وجب أن يكون الأمر الذي يفسره به مما يعد مالا عند أهل العرف وفي حكم الشرع، فلا يقبل منه إذا فسره بخمر أو خنزير أو بنحوهما مما لا مالية له في حكم الاسلام، ولا يقبل منه إذا فسره بحفنة من التراب، أو بخرقة بالية أو بحبة حنطة مما لا يعد مالا في العرف.
(المسألة العاشرة):
إذا قال الرجل لآخر: لك في ذمتي من واحد من الحنطة أو من واحد من الأرز مثلا على نحو التردد بين الجنسين، صح اقراره بالمن المردد ونفذ عليه وألزم المقر على الأحوط بأن يعين ما في ذمته منهما ويزيل الابهام عنه، وإذا هو استجاب وعين أحدهما، فقال لصاحبه: الذي تملكه في ذمتي هو من الحنطة مثلا قبل تعيينه ولزمه أداؤه، وإذا دفعه إلى صاحبه المقر له ورضي به برئت ذمة المقر ظاهرا، وإذا تذكر بعد أن دفع إليه الحنطة أن ما في ذمته للمقر له هو الأرز وليس هو الحنطة أعلم صاحبه بغلطه في التعيين، واسترد منه ما دفعه إليه وأعطاه الشئ الثاني، ولا تبرأ ذمته بدفع الأول إلا إذا تصالحا، فجعلا ما في ذمة أحدهما عوضا عما في ذمة الآخر، أو أبرأ كل واحد منهما ذمة الثاني، وأسقط حقه عنه.
وإذا عين المقر أحد الأمرين اللذين تردد بينهما في اقراره وقال لصاحبه: إن الشئ الذي لك في ذمتي هو من الحنطة، وأنكر المقر له ذلك، ولم يرض بتعيينه وقال: لست أملك في ذمتك من الحنطة، سقط حقه ظاهرا بسبب انكاره لاقرار المقر، فلا تجوز له المطالبة به، ولم يسقط حقه واقعا، ولذلك فيجب على المقر مع الامكان أن يوصل حقه إليه، ولو بدسه في ماله في الخفاء أو يصالحه عنه.