[الفصل الثاني] [في بعض أحكام العارية] (المسألة 16):
العارية عقد يتقوم بالإذن من مالك العين في أول حدوث العقد، وفي استمراره وبقائه بين الطرفين، ولذلك فإذا زال إذن المالك للمستعير بالتصرف والانتفاع بالعين زالت العارية وانفسخ عقدها، وثمرة هذا العقد كما ذكرنا في أول الكتاب هي أن يتسلط المستعير على العين المستعارة، وأن يباح له الانتفاع بمنافعها التي حددها له المالك.
والمعنى الواضح لذلك: أن العارية عقد جائز من جهة مالك العين، فيجوز له أن يرجع عن إذنه للمستعير في أي وقت يشاء، فيزول بذلك العقد ما بينهما، وأن العارية جائزة من جهة المستعير أيضا، فيباح له أن يدع العين المستعارة، ويترك الانتفاع بها في أي وقت يشاء فيرتفع العقد بذلك.
وهذا إذا لم يحدث في العين وهي في يد المستعير ما يمنع المالك من الرجوع عن إذنه، كما في بعض الفروض الآتي ذكرها، فإذا حدث مثل ذلك المانع لم يجز للمالك أن يرجع عن أذنه للمستعير، ويكون عقد العارية باقيا ما دام ذلك المانع موجودا، وليس معنى ذلك أن العارية أصبحت لازمة بسبب عروض هذا