لعين البذر، فيكفي فيه أن يكون مالكا لقيمته، ولو بالاقتراض والاستدانة له عند الحاجة، فإذا اشترط في عقد المزارعة على مالك الأرض أن يدفع البذر كله، أو يدفع نصفه مثلا، أو اشترط ذلك على العامل، كفاه في الوفاء بالشرط أن يدفع القيمة ويشتري بها ما لزمه من البذر ليزرع في الأرض عند الحاجة، سواء كان هو الذي يتولى زرعه فيها، أم كان الذي يتولى الزرع غيره.
والمراد بالعوامل الحيوانات والدواب أو الآلات والمكائن والأجهزة الحديثة أو القديمة التي تستخدم في حراثة الأرض، أو في تنقيتها وتسميدها، أو في سقاية الزرع ومكافحة الحشرات والطفيليات المضارة قبل الزرع وبعده، وفي حصاد المزروعات وجمعها وتصفيتها، سواء كانت العوامل المذكورة مملوكة بأعيانها أم بمنافعها باستئجار ونحوه.
والمراد بالعمل زرع البذور في الأرض والقيام بما يتطلبه ذلك عادة من حراثة الأرض وتمهيدها واصلاحها قبل نثر البذور ووضع الجذور وبعده والسعي الذي يتوقف عليه نمو الزرع وتعهده وسقيه كل ما احتاج إلى السقاية ومكافحة ما يضره، وشبه ذلك من الأعمال المتعارفة للمزارعين، حتى يدرك الزرع ويبلغ أوانه ويتم نتاجه.
ولا يعتبر في هذه الأعمال أن يتولاها العامل بنفسه بنحو المباشرة، فيكفي فيها أن ينوب عن العامل فيها غيره من أجير أو نائب أو متبرع، وقد جرى على هذا بناء العقلاء من الناس وسيرة أهل العرف في عامة البلاد، فهم يكتفون في هذه الأعمال التي تقبل النيابة بعمل النائب والأجير والمتبرع، إذا أتوا بالعمل على الوجه الصحيح الذي يحصل به المقصود وجرى عليه بناء المتشرعة والفقهاء