ولذلك فيجب على المتزارعين أن يعينا في عقد المزارعة بينهما من يقوم ببذل ذلك من أحد الطرفين أو كليهما، وإذا هما أهملا ذلك، ولم يعينا من يقوم بالبذل كان العقد باطلا، وإذا تعارف بين الناس وأصحاب المزارعات أن يكون دفع ذلك على العامل خاصة، أو على مالك الأرض خاصة، أو على كليهما، و انصرف اطلاق المعاملة إلى المتعارف من ذلك، صح وعمل على الانصراف المذكور وكفى ذلك عن التعيين الصريح في العقد.
(المسألة 16):
لا ريب في صحة عقد المزارعة إذا وقع ما بين المالك الشرعي للأرض والعامل الذي يتولى الزراعة على الوجوه التي تقدم تفصيلها، ولتوضيح الأحكام قد جرينا على هذا في التعبير في المسائل السابقة من هذا الكتاب، ولا يشترط في صحة المزارعة أن يكون المزارع مالكا لعين الأرض، ويكفي في صحة مزارعته للعامل أن يكون مالكا لمنفعة الأرض وحدها ملكا تاما يبيح له أن يزارع غيره على الأرض وإن لم يك مالكا لها، ومثال ذلك: أن يستأجر الأرض من مالكها فيملك منفعتها بالإجارة مدة معلومة، أو يملك منفعة الأرض بالوصية له بالمنفعة من مالكها قبل موته، أو بوقف المنفعة عليه من واقفها، ويكون ملكه لمنفعة الأرض على وجه مطلق يصح له معه أن يسلط غيره على الأرض، فيزرعها ويجعل له حصة معينة من نتاجها، ولا يصح له ذلك إذا شرط عليه مالك الأرض في عقد الإجارة أو الوصية له أو الوقف عليه أن يتولى الانتفاع من الأرض بنفسه، ولا يسلط عليها غيره.
(المسألة 17):