عن الاشتراط الصريح في العقد أن يكون ذلك النوع الواحد من الزرع هو المتعارف بين عامة الناس في ذلك البلد لمثل هذه الأرض ومن ذلك العامل، وهو الذي ينصرف إليه الاطلاق بينهم، فيتعين الاتيان بذلك النوع، ويكون الانصراف إليه كالشرط الصريح في العقد.
وإذا كانت الأرض صالحة لعدة أنواع من الزرع فيها، وعلم من القرائن الموجودة: أن مالك الأرض وزارعها كليهما قد قصدا في نفسيهما التعميم لجميع الأنواع التي تمكن زراعتها في الأرض، صح العقد، وكان العامل مخيرا في الزراعة بين جميع الأنواع المقصودة لهما، فأي الأنواع منها أتى به كان وفاء بالعقد، وإذا كانت الأرض قابلة لعدة أنواع من الزرع فيها، ولم يقصد المالك والزارع العموم لتلك الأنواع، ولم يتفقا على إرادة نوع معين منها، ولم ينصرف الاطلاق عند العقلاء من الناس في البلد إلى نوع مخصوص من الزرع فيها، وجب على المتعاقدين أن يعينا النوع الذي يريدان في المعاملة بينهما من أنواع الزرع، وإذا هما لم يعينا نوعا خاصا منها بطل العقد.
(المسألة 12):
المزارعة كما قلنا أكثر من مرة معاملة تتضمن أن يسلط المالك العامل على أرضه ليتصرف فيها ويزرعها له، وأن يملكه حصة معينة من الحاصل الذي تخرجه الأرض بسبب الزراعة، ولذلك فلا بد من فرض وجود أرض تتعلق بها المعاملة المذكورة، ويتعلق بها العمل من الزارع، ويحصل منها النتاج، وبدون هذا الفرض لا يمكن أن تتحقق المعاملة الخاصة والعقد بين الطرفين، وهو أمر في غاية الوضوح والجلاء.