فخرج بذلك عن أن يكون أهلا للإذن والقصد، فإذا مات المالك المودع بطلت الوديعة كما قلنا وأصبح المال أمانة شرعية بيد المستودع، بعد أن كان عنده أمانة مالكية، وسيأتي بيان الفرق بينهما في الفصل الأخير من هذا الكتاب، فيجب على المستودع أن يبادر برد المال إلى وارث المالك الذي أودع المال، أو إلى وكيل الوارث وإلى وليه إذا كان قاصرا، وإذا لم يقدر على رد المال إليه بالفعل لبعض الجهات المانعة من الرد، وجب عليه أن يعلمه بأن الوديعة موجودة عنده، وأنه مستعد لردها متى أمكن له الرد، وإن هو لم يفعل كذلك مع تمكنه من فعله وعدم العذر كان مفرطا ضامنا.
وإذا لم يعلم المستودع بعد موت مالك الوديعة بوجود وارث له، أو كان الوارث غير منحصر في علمه بشخص معين أو أشخاص معينين، جاز له التأخير حتى يفحص عن ذلك ويعلم به، ويجب عليه أن لا يتسامح في أمر الأمانة فيتأخر من غير فحص أو يطيل المدة من غير ضرورة تقتضي ذلك.
وإذا جن مالك الوديعة وعلم المستودع بجنونه، وجب عليه أن يبادر في رد الأمانة الشرعية إلى وليه الشرعي، فإذا لم يستطع الرد إليه أن يعلم الولي بالوديعة وأنه مستعد لردها، وإن هو لم يعلم بالولي الشرعي له على التعيين جاز له أن يتأخر بمقدار ما يفحص عنه، ويعلم به كما سبق في نظيره.
(المسألة 29):
إذا مات المستودع وبطلت الوديعة بموته كما سبق ذكره أصبحت الوديعة أمانة شرعية بيد الوصي من بعده، إذا كان قد أوصى إلى أحد بالوديعة قبل موته وكانت أمانة شرعية بيد وارث المستودع إذا لم يكن قد أوصى بها، وإذا لم يكن قد