مكة، وإنها مرحلة تكون بين قديد والأبواء.
وقد قال في ملحق كتاب أخبار مكة للأزرقي: الجحفة في طريق الساحل الشمالي من الحجاز، والجحفة مندثرة اليوم، ويحرم الحاج في الوقت الحاضر من رابغ، ولا اعتبار ولا غناء بجميع ذلك في تعيين الموضع أو تعيين موضع محاذاته، وحتى إذا أخبر بعض سكان تلك النواحي بشئ فلا دليل على اعتبار قوله، فإنه إنما يعتمد على أمور حدسية أو ظنية لا تغني شيئا، ولذلك فلا بد للحاج أو المعتمر من أن يقصد أحد المواقيت الأخرى فيحرم منه، أو يقدم احرامه على الجحفة بالنذر، إلا إذا حصل له العلم بموضع الميقات من تلك الأقوال، أو من قرائن أخرى أو حصل له العلم بمحاذاته.
وقد ورد من طرق الشيعة ومن طرق سائر المسلمين في حديث الغدير المتواتر بينهم: أن الرسول صلى الله عليه وآله لما رجع من حجة الوداع وبلغ الجحفة جمع المسلمين عند الظهيرة أو بعد صلاة الظهر وخطب فيهم خطبته المعروفة، والتي قال فيها: من كنت مولاه، فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه، وبمقتضى هذه الأحاديث أن مسجد الغدير الموجود - الذي يذكره كثير من الثقاة المترددين في طريق المدينة - من الجحفة، وقد ورد أيضا في جملة من تلك الأحاديث أن الغدير قبل الجحفة بثلاثة أميال، وعلى هذا فلا يكون مسجد الغدير من الجحفة وإن كان قريبا منها، وبعد، فالنصوص المذكورة ليست واردة في مقام بيان هذه الجهة فلا يستفاد منها تعيين موضع الجحفة، وقد جمع العلامة الثقة الأميني (قدس سره) من هذه الأحاديث ما يغني عن غيره في كتاب الغدير فليرجع إليه من أراد.