كلمة التقوى - الشيخ محمد أمين زين الدين - ج ٢ - الصفحة ١١٩
بخدمته وبالأعمال التي تعود إليه، أداءا لنصيب العبودية في العبد، وعين أياما أخرى تكون خاصة للعبد يستقل فيها بأعماله وتصرفاته لنفسه، وفاءا بحق الحرية الثابت له، أمكن لهذا العبد المبعض أن يعتكف في أيامه الخاصة به إذا كانت وافية بزمان الاعتكاف، ولا يحتاج في ذلك إلى إذن من السيد، بل الظاهر أنه يصح له الاعتكاف في أيامه وإن نهاه السيد عنه وصرح له بالمنع.
[المسألة 18:] يشترط في صحة اعتكاف الأجير الخاص أن يأذن له مستأجره المالك لمنفعته بأن يعتكف، فلا يصح له أن يعتكف بغير إذنه، وهذا إذا كان الاعتكاف ينافي حق المستأجر، ومثال ذلك: أن يستأجر الإنسان الأجير لتكون جميع أعماله ومنافعه مملوكة للمستأجر مدة معلومة، فلا يحق لهذا الأجير أن يعتكف بغير إذن مستأجره، فإن الاعتكاف بعض أعماله المملوكة للمستأجر، ويكون الحكم فيه في تلك المدة نظير الحكم في العبد المملوك.
ولا يترك الاحتياط لزوما في أن تستأذن المرأة زوجها إذا أرادت الاعتكاف من جهة اعتبار الصوم في صحة الاعتكاف، وقد سبق في المسألة المائتين والرابعة والخمسين من كتاب الصوم إن الأحوط للمرأة أن تجتنب الصوم المندوب بغير إذن زوجها.
وإذا كان صومها واجبا أو كان مندوبا وقد أذن لها الزوج به، فلا يصح لها الاعتكاف إلا بإذنه، إذا كان اعتكافها ينافي حق استمتاع الزوج.
ولا يصح اعتكاف الولد على الأحوط لزوما إذا نهاه الأب عنه أو نهته الأم، وكان نهيهما بداعي الشفقة والعطف عليه، ولا يصح اعتكافه أيضا إذا كان الاعتكاف يوجب أذيتهما أو أذية أحدهما لبعض الأسباب العقلائية التي توجب ذلك، ولا اعتبار بذلك إذا كان لتوهمات وأسباب غير عقلائية.
[المسألة 19:] يشترط في صحة الاعتكاف (ثامنا): أن يستمر المكلف في لبثه في المسجد المعين حتى تكمل الأيام التي نوى اعتكافها، فلا يخرج من المسجد إلا لضرورة عقلية أو شرعية أو عرفية تحتم عليه الخروج، فإذا خرج من المسجد عامدا مختارا لغير ذلك كان اعتكافه باطلا، وإن كانت فترة خروجه قليلة يسيرة، وسنذكر في المسائل الآتية أمثلة من هذه الأعذار التي تبيح له الخروج ولا تضر باعتكافه.
وليس من الأعذار التي تبيح له الخروج أن يكون المكلف جاهلا بالحكم، فإذا خرج عامدا من غير ضرورة تسوغ له الخروج بطل اعتكافه، سواء كان جاهلا مقصرا أم جاهلا قاصرا.
ومن أمثلة ذلك: أن يعتقد إن الخروج من المسجد إذا كان يسيرا لا يبطل به الاعتكاف، أو يظن أن الخروج إجابة لدعوة أخيه لبعض المناسبات لا تكون مضرة بعمله، فيبطل اعتكافه إذا فعل كذلك، ويجب عليه قضاء الاعتكاف إذا كان واجبا.
(١١٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 114 115 116 117 118 119 120 121 122 123 124 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 (1) كتاب الصوم 5
2 الأول - النية 8
3 الثاني - المفطرات 17
4 الثالث - الكفارات 46
5 الرابع - شرائط صحة الصوم وشرائط وجوبه 61
6 الخامس - طرق ثبوت الهلال 72
7 السادس - احكام قضاء شهر رمضان 77
8 السابع - صوم الكفارة 88
9 الثامن - اقسام الصوم 95
10 خاتمة الكتاب الصوم 103
11 (2) كتاب الاعتكاف 109
12 الأول - الاعتكاف وشرائطه 112
13 الثاني - احكام الاعتكاف 135
14 (3) كتاب الزكاة 145
15 الأول - الشرائط العامة لوجوب الزكاة 148
16 الثاني - زكاة الأنعام الثلاثة 157
17 الثالث - زكاة النقدين 172
18 الرابع - زكاة الغلات الأربع 177
19 الخامس - ما تستحب فيه الزكاة 189
20 السادس - في مصارف الزكاة ومستحقيها 194
21 السابع - أوصاف من يستحق الزكاة 210
22 الثامن - جملة من احكام الزكاة 217
23 التاسع - زكاة الفطرة 227
24 العاشر - جنس زكاة الفطرة ومقدارها 234
25 الحادي عشر - وقت وجوب الفطرة ومصرفها 237
26 (4) كتاب الخمس 241
27 الأول - ما يجب فيه الخمس 243
28 الثاني - مستحق ومصرفه 288
29 الثالث - الأنفال 296
30 (5) كتاب الامر بالمعروف والنهي عن المنكر 301
31 الأول - الامر بالمعروف الواجب، والنهي عن المنكر المحرم 304
32 الثاني - الامر بالمعروف المندوب، والنهي عن المكروه 321
33 الثالث - مجاهدة النفس 330