بخدمته وبالأعمال التي تعود إليه، أداءا لنصيب العبودية في العبد، وعين أياما أخرى تكون خاصة للعبد يستقل فيها بأعماله وتصرفاته لنفسه، وفاءا بحق الحرية الثابت له، أمكن لهذا العبد المبعض أن يعتكف في أيامه الخاصة به إذا كانت وافية بزمان الاعتكاف، ولا يحتاج في ذلك إلى إذن من السيد، بل الظاهر أنه يصح له الاعتكاف في أيامه وإن نهاه السيد عنه وصرح له بالمنع.
[المسألة 18:] يشترط في صحة اعتكاف الأجير الخاص أن يأذن له مستأجره المالك لمنفعته بأن يعتكف، فلا يصح له أن يعتكف بغير إذنه، وهذا إذا كان الاعتكاف ينافي حق المستأجر، ومثال ذلك: أن يستأجر الإنسان الأجير لتكون جميع أعماله ومنافعه مملوكة للمستأجر مدة معلومة، فلا يحق لهذا الأجير أن يعتكف بغير إذن مستأجره، فإن الاعتكاف بعض أعماله المملوكة للمستأجر، ويكون الحكم فيه في تلك المدة نظير الحكم في العبد المملوك.
ولا يترك الاحتياط لزوما في أن تستأذن المرأة زوجها إذا أرادت الاعتكاف من جهة اعتبار الصوم في صحة الاعتكاف، وقد سبق في المسألة المائتين والرابعة والخمسين من كتاب الصوم إن الأحوط للمرأة أن تجتنب الصوم المندوب بغير إذن زوجها.
وإذا كان صومها واجبا أو كان مندوبا وقد أذن لها الزوج به، فلا يصح لها الاعتكاف إلا بإذنه، إذا كان اعتكافها ينافي حق استمتاع الزوج.
ولا يصح اعتكاف الولد على الأحوط لزوما إذا نهاه الأب عنه أو نهته الأم، وكان نهيهما بداعي الشفقة والعطف عليه، ولا يصح اعتكافه أيضا إذا كان الاعتكاف يوجب أذيتهما أو أذية أحدهما لبعض الأسباب العقلائية التي توجب ذلك، ولا اعتبار بذلك إذا كان لتوهمات وأسباب غير عقلائية.
[المسألة 19:] يشترط في صحة الاعتكاف (ثامنا): أن يستمر المكلف في لبثه في المسجد المعين حتى تكمل الأيام التي نوى اعتكافها، فلا يخرج من المسجد إلا لضرورة عقلية أو شرعية أو عرفية تحتم عليه الخروج، فإذا خرج من المسجد عامدا مختارا لغير ذلك كان اعتكافه باطلا، وإن كانت فترة خروجه قليلة يسيرة، وسنذكر في المسائل الآتية أمثلة من هذه الأعذار التي تبيح له الخروج ولا تضر باعتكافه.
وليس من الأعذار التي تبيح له الخروج أن يكون المكلف جاهلا بالحكم، فإذا خرج عامدا من غير ضرورة تسوغ له الخروج بطل اعتكافه، سواء كان جاهلا مقصرا أم جاهلا قاصرا.
ومن أمثلة ذلك: أن يعتقد إن الخروج من المسجد إذا كان يسيرا لا يبطل به الاعتكاف، أو يظن أن الخروج إجابة لدعوة أخيه لبعض المناسبات لا تكون مضرة بعمله، فيبطل اعتكافه إذا فعل كذلك، ويجب عليه قضاء الاعتكاف إذا كان واجبا.