لله بما نذره، وجاز له أن يأتي بالاعتكاف الذي أوجبه على نفسه في صوم مندوب، ولا يجب عليه الصوم لذلك الاعتكاف على الأقوى، ولا تنافي بين أن يكون الاعتكاف واجبا عليه، وأن يكون الشرط فيه وهو الصوم مندوبا، فإذا هو أتم الصوم المندوب ولم يقطعه صح اعتكافه وكان وفاءا بنذره لحصول شرطه، وإذا قطع الصوم لأنه مندوب انقطع الاعتكاف وكان آثما بذلك إذا كان نذر الاعتكاف معينا، أو كان في اليوم الثالث منه، ووجب عليه استئناف الاعتكاف.
[المسألة 11:] يشترط في صحة الاعتكاف (خامسا): أن لا يكون أقل من ثلاثة أيام، فإذا نوى الرجل أن يعتكف أقل من ثلاثة أيام لم تصح منه نيته وكان اعتكافه باطلا، ومثال ذلك: أن ينوي الاعتكاف من ضحى يوم الأربعاء أو من زوال الشمس فيه إلى الغروب من يوم الجمعة، أو ينوي الاعتكاف من أول يوم الجمعة إلى ظهر يوم الأحد، أو إلى وقت العصر منه، وإذا نذر الاعتكاف كذلك لم ينعقد نذره على ما سيأتي بيانه.
ويوم المعتكف هو يوم الصائم، وحده من طلوع الفجر الثاني الصادق إلى دخول الليل، وهو زوال الحمرة المشرقية، وقد بينا هذا في كتاب الصوم، فإذا نوى المكلف أن يعتكف من طلوع الفجر في يوم الجمعة إلى الغروب الشرعي من يوم الأحد، صح اعتكافه وكملت له الأيام الثلاثة، وإذا نذره كذلك صح نذره ولزمه الوفاء به، وتدخل فيه الليلتان المتوسطتان، وهما ليلة السبت وليلة الأحد في المثال الذي ذكرناه، ولا تدخل فيه الليلة الأولى وهي ليلة الجمعة، ولا الليلة الرابعة وهي ليلة الاثنين، فلا يجب عليه الاعتكاف فيهما، وهذا هو الحد الأقل للاعتكاف.
ويجوز للرجل أن يزيد في نيته على الحد المذكور في الاعتكاف، فينوي الاعتكاف من أول الليلة الأولى أو في أثنائها، أو يقصد الاعتكاف إلى آخر الليلة الرابعة أو إلى بعضها أو إلى بعض نهار اليوم الرابع أو إلى آخره، فيصح منه جميع ذلك، ويجوز له أن يعتكف أكثر منه، وإذا زاد يوما رابعا أو خامسا أو أكثر دخلت الليالي المتوسطة في الاعتكاف وشملها حكمه.
[المسألة 12:] إذا اعتكف الإنسان خمسة أيام تامة وجب عليه أن يعتكف اليوم السادس