المسجد متقربا به إلى الله، فإذا كان الاعتكاف واحدا ونواه كذلك صح وكفاه، سواء كان واجبا أم مندوبا، ولم يجب تعيينه أو وصفه في النية، وإذا تعددت الاعتكافات الواجبة على المكلف، واختلف بعضها عن بعض في الأثر، وجب على المكلف في نيته أن يعين الاعتكاف الذي يريد القيام به، ومثال ذلك أن يكون بعض الاعتكافات الواجبة عليه منذورا وبعضها واجبا باليمين أو بالعهد أو بالإجارة، فيجب عليه التعيين، وإذا تعددت الاعتكافات المطلوبة منه وكانت من نوع واحد ولم يختلف بعضها عن بعض في الأثر، فكانت كلها من الواجب بالنذر للشكر مثلا أو من الواجب بالعهد أو باليمين، لم يجب على المكلف أن يعين في نيته إن ما يريد الاتيان به هو المنذور الأول أو الثاني مثلا.
وكذلك إذا استؤجر المكلف لاعتكافين أو أكثر ينوب بها عن شخص واحد، فلا يجب عليه أن يقصد أن ما يأتي به هو أي الاعتكافات عن المنوب عنه، وإذا تعدد المنوب عنه، فلا بد من التعيين، وهكذا.
ولا يعتبر في النية أن يقصد الوجوب في الاعتكاف الواجب، والندب في المندوب، بل تكفي فيه نية القربة، ويكفي قصد امتثال الأمر المتوجه إليه بالعمل، وإذا قصد الوجوب في الاعتكاف الواجب صح وكفى، وكذلك إذا نوى الندب في الاعتكاف المندوب، ولا ينافي ذلك أن الاعتكاف في اليوم الثالث منه يكون واجبا على المعتكف.
ووقت النية في الاعتكاف هو أول الشروع فيه، فإذا أراد الرجل أن يبدأ في الاعتكاف من أول النهار نواه قبل طلوع الفجر متصلا به أو مقارنا له، ولا يصح أن يؤخر نيته عن الفجر فيمر عليه جزء من النهار بغير نية.
ويشكل الحكم بالصحة إذا هو بيت النية من الليل وهو يريد الاعتكاف من أول الفجر، فليس شأن الاعتكاف شأن الصوم ليكتفي فيه بتبييت النية من الليل ولا يصح قياسه عليه في الحكم.
وإذا أراد الرجل الشروع في الاعتكاف من أول ليلته، أو في أثنائها نوى العمل من ذلك الوقت، وصح، وإذا أراد الشروع فيه بعد انقضاء شطر من النهار فينويه وقت الشروع به.
[المسألة الثامنة:] يشترط في صحة الاعتكاف (رابعا): أن يكون المعتكف صائما، فلا يصح