المقدمة الثانية في: تحريم التقليد (18) طلب الله تعالى من المكلف: اعتقادا جازما يقينيا مأخوذا من الحجج والأدلة، وذلك في المسائل الأصولية (19)، واعتقادا مستفادا إما من الحجة أو من التقليد، في المسائل الفروعية (20).
(١٨) ينظر: كتاب النافع يوم الحشر في شرح الباب الحادي عشر: ص ٨ - ١٠.
وفي المخطوطة المرعشية: ورقة ٢٠، لوحة أ، الهامش الأسفل: (التقليد: قبول قول الغير من غير حجة، ويسمى تقليدا، لأن المقلد يجعل ما يعتقد، من حق أو باطل، قلادة في عنق من قلد).
(١٩) قال ابن أبي الحديد: إنما قال عليه السلام: (أول الدين معرفته)، لأن التقليد باطل، وأول الواجبات الدينية..
: المعرفة، كما في شرح نهج البلاغة: ١ / ٧٣.
هذا، وفي المخطوطة المرعشية: ورقة ٢٠، لوحة أ، سطر ١٣: (من المسائل الأصولية).
(٢٠) وهنا ينبغي ملاحظة ما يلي:
أ هكذا ورد في المخطوطتين المعتمدتين.
والصحيح - فيما يبدو - أن يقال: المسائل الفرعية، لأنه لا تجوز النسبة إلى الجمع، إلا إذا نزل منزلة العلم فيتساهل فيه، كما يقال في دول: دولي، والفروعية هنا لم تنزل بعد. وربما كانت في وقتها كذلك، ولعل هناك تفسيرا وتوجيه آخر.
ب قال الغزالي: إن الاجماع منعقد على أن العامي مكلف بالأحكام، وتكليفه طلب رتبة الاجتهاد محال، لأنه يودي إلى أن ينقطع الحرث والنسل، وتتعطل الحرف والصنائع، ويؤدي إلى خراب الدنيا، لو اشتغل الناس بجملتهم بطلب العلم، وذلك يرد العلماء إلى طلب المعايش، ويؤدي إلى اندراس العلم، بل، إلى إهلاك العلماء وخراب العالم، وإذا استحال هذا لم يبق إلا سؤال العلماء.
وعلق السيد الحكيم على ذلك بقوله: وهذا الدليل - على خطابيته - سليم في إثبات أصل جواز التقليد، ثم أورد على نفسه، ودفعه بقوله: (فإن قيل: فقد أبطلتم التقليد، وهذا عين التقليد؟!
قلنا: التقليد قبول قول بلا حجة، وهؤلاء وجب عليهم ما أفتى به المفتي، بدليل الاجماع.
وختم التعقيب بعد ذلك بقوله: (وبهذا ندرك أن الاختلاف بين الغزالي وغيره، في مفهوم التقليد، لا يتجاوز الشكلية، وهو متحد المبنى مع القائلين بجواز التقليد، أقصاه أنه لم يسمه تقليدا، وإنما عبر بقوله: العامي يجب عليه الاستفتاء واتباع العلماء.
والأخذ برأي الغير من دون حجة، موضع حظر الجميع، باستثناء ما مر من الحشوية، إن صح نسبة مثل ذلك الرأي إليهم).
ينظر: المستصفى: ٢ / ١٢٣، ١٢٤، والأصول العامة للفقه المقارن: ص 646.