أما بعد، فإن الله تعالى لم يخلق العالم عبثا، بل، لغاية مقصودة، وحكمة متحققة موجودة، كما قال تعالى (5): * (أفحسبتم إنما خلقناكم عبثا؟ (6)) *، وقال تعالى:
* (وما خلقنا السماء والأرض وما بينهما لاعبين) * (7).
ثم إنه تعالى نص على الغاية بالتعيين، فقال: * (وما خلقت الجن والإنس، إلا ليعبدون) * (8).
فيجب على كل مكلف من انسان (9)، السعي في تحصيل المطلوب منه بقدر الإمكان (10)، ولما كان ذلك محالا، إلا بعد معرفته تعالى، والنظر في ذاته ووصفه (11)، بما يستحق من جلال صفاته، واتباع أوامره وامتثال مراضيه، واجتناب ما يكرهه، والامتناع عن معاصيه، وقد حرم الله تعالى على جميع العبيد سلوك طريق التقليد، بل، أوجب البحث في أصول العقايد اليقينية، وتحصيلها باستعمال البراهين القطعية.