ما علمت عملا أخوف عندي أن يدخلني النار من عملكم هذا. وما بي أن أكون ظلمت فيه مسلما لا معاهدا دينارا ولا درهما، ولكني لا أدري ما هذا الحبل الذي لم يسنه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لا أبو بكر ولا عمر. قالوا: فما حملك على أن دخلت فيه؟
قال: لم يدعني زياد ولا شريح ولا الشيطان حتى دخلت فيه. " (1) وفيه أيضا بسنده عن عبد الرحمن قال:
كتب عمر بن عبد العزيز إلى عدى بن أرطاة: " أن ضع عن الناس الفدية، وضع عن الناس المائدة، وضع عن الناس المكس، وليس بالمكس، ولكنه البخس الذي قال الله - تعالى -: " ولا تبخسوا الناس أشياءهم ولا تعثوا في الأرض مفسدين. " فمن جاءك بصدقة فاقبلها منه، ومن لم يأتك بها فالله حسيبه. " (2) وفي نهاية ابن الأثير:
" في الحديث: " يأتي على الناس زمان يستحل فيه الربا بالبيع والخمر بالنبيذ والبخس بالزكاة. " البخس: ما يأخذه الولاة باسم العشر والمكوس يتأولون فيه الزكاة الصدقة. " (3) فيستفاد من جميع ذلك ومن نظائرها عدم وضوح مشروعية أخذ العشور عندهم بل كونه أمرا منكرا. هذا.
ولكن مع ذلك كله يمكن أن يستدل للجواز - مضافا إلى أن عمل الخليفة وعماله كان بمرأى الصحابة ومسمعهم ولم يسمع منهم ردع عن ذلك ولو كان لبان -: أن أمير المؤمنين (عليه السلام) بعدما تصدى للخلافة لم يرد من ناحيته ردع عن هذا العمل المستمر في البلاد الإسلامية بسعتها بل كان يقبل الأموال التي كانت تجلب إليه من البلاد فكان هذا إمضاء منه (عليه السلام) للعشور أيضا. فأنت ترى في مصنف أبي بكر ابن أبي شيبة مثلا بسنده، قال: " أتى المختار علي بن أبي طالب بمال من المدائن وعليها عمه سعد بن مسعود، قال: فوضع المال بين يديه وعليه مقطعة حمراء، قال:
فأدخل يده فاستخرج كيسا فيه نحو من خمس عشرة مأة، قال: هذا من أجور