أفضل؟ قال: " الولاية أفضل لأنها مفتاحهن والوالي هو الدليل عليهن. " (1) ومن الواضح توقف إقامة الدولة بشؤونها على تحقيق نظام مالي واسع غنى يتكفل لسد جميع الخلات ورفع جميع الحاجات. فهذا من المحكمات التي لا مجال للريب فيها.
وحينئذ فلا بد من القول بأحد أمرين:
الأول: أن يقال: إن الزكاة اسم لكل واجب مالي يشرع من قبل الحكام الواجدين للشرائط حسب الأموال والحاجات. فأصل الزكاة مما شرعها الله - تعالى - في الكتاب العزيز وأمر بإعطائها وأخذها فقال: " أقيموا الصلاة وآتوا الزكاة "، وقال: " يا أيها الذين آمنوا، أنفقوا من طيبات ما كسبتم ومما أخرجنا لكم من الأرض. " (2) فهي وظيفة مالية شرعها الله - تعالى - في الاسلام وفي الشرائع السابقة في جنب الصلاة التي هي من أهم الوظائف العبادية البدنية. ولم يذكر في الكتاب العزيز خصوص ما تتعلق به، بل ظاهر الآية الأخيرة تعلقها بجميع ما يحصل للإنسان سواء كان بالكسب أو بالاستخراج من الأرض. كما أن ظاهر قوله: " خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها " (3) جواز أخذها من جميع الأموال لظهور الجمع المضاف في العموم. فالمتعلق بحسب الحكم الاقتضائي والإنشائي جميع الأموال، وقد فوض تعيين ما تؤخذ منها تطالب فعلا إلى أولياء المسلمين وحكام الحق في كل صقع وزمان، حيث إن ثروات الناس وأعيان أموالهم تختلف بحسبهما، والشريعة الإسلامية شريعة خالدة عامة لجميع الأصقاع والأزمان إلى يوم القيامة. فعلى والي المسلمين في كل عصر ومكان ملاحظة ثروات الناس والاحتياجات الموجودة في عصره ومقر حكمه، ووضع الضرائب بحسبهما وتنصبغ هذه قهرا بصبغة الزكاة. وهكذا كانت الزكاة المشرعة في الشرائع السابقة أيضا لا محالة فكانت مناسبة