المسلمين ومعه مال يتجر به فخذ منه صدقته. " (1) فيظهر منه أن ما كان يؤخذ من المسلم كان بعنوان زكاة مال التجارة، ويشهد له ذكر الحول في آخر الخبر أيضا. وروى ذيل الخبر أبو عبيد أيضا، فراجع (2) 27 - وفي المصنف: عن معمر عن يحيى بن أبي كثير، قال: " يؤخذ من أهل الكتاب الضعف مما يؤخذ من المسلمين من الذهب والفضة. فعل ذلك عمر بن الخطاب وعمر بن عبد العزيز. " (3) إلى غير ذلك من الروايات الواردة في هذا المجال.
أقول: المستفاد من مجموع هذه الروايات أن أخذ العشور الجمركية كان أمرا متعارفا مستمرا في تلك الأعصار وكان مشروعا عندهم إجمالا، غاية الأمر أنه كان يؤخذ من المسلمين ربع العشر باسم زكاة مال التجارة. وقد مر الترديد في صحة ما روي في هذا المجال عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، وأن القائلين بالجواز من فقهاء السنة أكثرهم كانوا يستدلون لذلك بقول عمر وصنعه لا بالأخبار النبوية. وقد مر في عبارة المنتهى عن أحمد في أهل الحرب: أنه يؤخذ منهم العشر مطلقا لأن عمر أخذ العشر ولم ينقل أنه شرط ذلك عليهم، اشتهر ذلك بين الصحابة، وعمل به الخلفاء بعده فصار إجماعا، ومر دعوى الإجماع بهذا التقريب في عبارة المغني وبدائع الصنائع أيضا، فيظهر منهم إرادة إثبات الحكم بالإجماع.
ولا يخفى أن رأينا في الإجماع وملاك حجيته يخالف رأى فقهاء السنة، إذ نفس اتفاق الكل وإجماعهم عندهم حجة في قبال السنة، وأما نحن فلا نعتبره حجة إلا إذا كشف بنحو من الأنحاء عن قول المعصوم أو فعله أو تقريره فيكون من طرق إثبات السنة. والتحقيق يطلب من محله.