ومما يشهد أن ما نسب إلى الإمام بما هو إمام لا يكون لشخصه بل لحيثية الإمامة وأنه من الأموال العامة فيراعى فيه المصالح العامة صحيحة أبى ولاد الحناط: قال سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن رجل مسلم قتل رجلا مسلما (عمدا) فلم يكن للمقتول أولياء من المسلمين إلا أولياء من أهل الذمة من قرابته، فقال:
" على الإمام أن يعرض على قرابته من أهل بيته (دينه) الإسلام، فمن أسلم منهم فهو وليه يدفع القاتل إليه: فإن شاء قتل وإن شاء عفا وإن شاء أخذ الدية.
فإن لم يسلم أحد كان الإمام ولي أمره فإن شاء قتل، وإن شاء أخذ الدية فجعلها في بيت مال المسلمين لأن جناية المقتول كانت على الإمام فكذلك تكون ديته لإمام المسلمين.
قلت فإن عفا عنه الإمام؟ قال: فقال: إنما هو حق جميع المسلمين وإنما على الإمام أن يقتل أو يأخذ الدية وليس له أن يعفو. " (1) وصحيحته الأخرى، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام) في الرجل يقتل وليس له ولى إلا الإمام: " إنه ليس للإمام أن يعفو، له أن يقتل أو يأخذ الدية فيجعلها في بيت مال المسلمين، لأن جناية المقتول كانت على الإمام وكذلك تكون ديته لإمام المسلمين. " (2) يظهر من الصحيحتين أن كون الشئ للإمام عبارة أخرى عن كونه للمسلمين، ولذا حكم بجعله في بيت مال المسلمين، فيكون الشئ لمنصب الإمامة لا لشخصه.
كيف؟! ولو كان لشخصه لكان له العفو قطعا وقد صرح الامام (عليه السلام) بكونه حقا لجميع المسلمين فلا عفو له والمورد من موارد من لا وارث له، وماله من الأنفال قطعا.
ونحوهما في الدلالة على المقصود خبر عبد الله بن سنان وعبد الله بن بكير، " عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قضى أمير المؤمنين (عليه السلام) في رجل وجد مقتولا لا يدرى من قتله،