وقد مر منا سابقا أن الأموال العامة قد تضاف إلى الله، وقد تضاف إلى الرسول أو الإمام كما في المقام، وقد تضاف إلى المسلمين، ومآل الكل واحد.
ففي الخطبة الشقشقية من نهج البلاغة قال: وقام معه بنو أبيه يخضمون مال الله خضمة (خضم خ. ل) الإبل نبتة الربيع. " (1) وفى نهج البلاغة أيضا من كلام له (عليه السلام) كلم به عبد الله بن زمعة لما طلب منه مالا، قال: " إن هذا المال ليس لي ولا لك وإنما هو فيء للمسلمين وجلب أسيافهم. " (2) مع ما مر منا أن الغنائم أيضا من الأنفال وأنها تحت اختيار الإمام ينفل منها ما يشاء حسب ما تقتضيه المصالح.
وقد عد في الأخبار وكلمات الأصحاب من الأنفال ميراث من لا وارث له، التعبيرات فيه في الروايات مختلفة: ففي بعضها أنه من الأنفال. وفى بعضها:
" الإمام وارث من لا وارث له ". وفى بعضها: أخذ ميراثه فجعل في بيت مال المسلمين ". وفى بعضها: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): أعط المال همشاريجه. " (3) فيعلم بذلك عدم تفاوت أساسي بين أن ينسب المال إلى الامام أو إلى المسلمين وبيت مالهم. والحمل على التقية مما لا وجه له بعد وضوح طريق الجمع بين التعبيرات المختلفة.
وفى صحيحة البزنطي: " وما لم يعمر منها أخذه الوالي فقبله ممن يعمره وكان للمسلمين... وما أخذ بالسيف فذلك إلى الإمام يقبله بالذي يرى كما صنع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بخيبر. " ونحوها خبر صفوان والبزنطي، فراجع. (4) ففي الجملة الأولى نسب غير المعمور الذي هو للإمام إلى المسلمين، وفى الجملة الثانية فوض أمر ما للمسلمين إلى الإمام; فليس بينهما تفاوت أساسي.