معمورة جرى عليها ملك مسلم فلا يخلو إما أن يكون المالك معينا أو غير معين، فإن كان معينا... وإن كان المالك لهذه الأرض السابق غير معين ثم خربت وزالت آثار العمارة منها فإنها للإمام عندنا ولا يجوز لأحد إحياؤها إلا بإذنه، فإن بادر إليها إنسان وأحياها من دون إذنه لم يملكها، ولو كان الإحياء حال غيبة الإمام (عليه السلام) كان المحيي أحق بها ما دام قائما بعمارتها، فإن تركها فزالت آثارها فأحياها غيره ملكها، فإذا ظهر الإمام (عليه السلام) يكون له رفع يده عنها لما تقدم.
واختلفت العامة: فقال أبو حنيفة: إنها تملك بالإحياء، وبه قال مالك، لما تقدم من عموم الأخبار، ولأنها أرض موات لا حق فيها لقوم بأعيانهم فأشبهت ما لم يجر عليه ملك مالك، ولأنها إن كانت في أرض دار الإسلام فهي كلقطة دار الإسلام، وإن كانت في أرض دار الكفر فهي كالركاز. وللشافعي قولان. هذا أحدهما لما تقدم، والثاني: أنه لا يجوز إحياؤها، لقوله (عليه السلام): " من أحيا أرضا في غير حق مسلم فهو أحق بها. " قيد بقوله: " في غير حق مسلم. " ولأن هذه الأرض لها مالك فلا يجوز إحياؤها كما لو كان معينا. وعن أحمد روايتان كالقولين... " (1) أقول: وقد مرت في صدر المسألة عبارتا المبسوط والمهذب وعبارة أخرى للتذكرة أيضا في حكم ما لو لم يكن صاحبها معينا وأنه يجوز إحياؤها بإذن الإمام، فراجع.
وفي المغني لابن قدامة:
" النوع الثالث: ما جرى عليه الملك في الإسلام لمسلم أو ذمي غير معين فظاهر كلام الخرقي أنها لا تملك بالإحياء وهو إحدى الروايتين عن أحمد... لما روى كثير بن عبد الله بن عوف، عن أبيه، عن جده، قال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول:
" من أحيا أرضا مواتا في غير حق مسلم فهي له. " فقيده بكونه في غير حق مسلم، ولأن هذه الأرض لها مالك فلم يجز إحياؤها كما لو كان معينا، فإن مالكها إن كان له ورثة فهي لهم وإن لم يكن له ورثة ورثها المسلمون. والرواية الثانية أنها تملك بالإحياء. نقلها صالح وغيره، وهو مذهب أبي حنيفة ومالك، لعموم